د. مجدي الجعبري يكتب: مافيا موانئ البحر الأحمر

سألني سائح سعودي كان يجلس بجواري خلال رحلتنا من ميناء سفاجا إلى ميناء ضباء السعودي: \”هل مصر بلد تشجع السياحة؟\”

كان هذا التساؤل منطقيا بعد مظاهر الفساد والابتزاز التي يتم إتباعها مع المسافرين بميناء سفاجا، لم أستطع الإجابة بصورة مباشرة على السؤال، وحاولت البحث عن مبررات لهذه المظاهر كي اُقنع بها السائح أن بلدنا تشجع السياحة، رغم عدم قناعتي بتلك المبررات، واستيائي كمواطن مصري من سوء المعاملة لجميع المسافرين (المصريين والأجانب).

وبحكم عملي في المملكة العربية السعودية، كان لي أكثر من تجربة للسفر بسيارتي لقضاء إجازتي في مصر، وقد مررت بأكثر من ميناء بالبحر الأحمر وخليج العقبة، وللأسف وجدت نموذجا موحدا للفساد معمول به في جميع الموانئ، دون مراعاة لأهمية هذه الموانئ والتي تمثل نافذة مصر على المشرق، وتربط مصر بعدد كبير من دول المشرق العربي ودول شرق أفريقيا، وهي عنصر رئيسي من عناصر التسويق والجذب السياحي.

تبدأ رحلة المعاناة عند وصولك للميناء، بمجرد النزول من الباخرة يعترضك عشرات المرتزقة الذين يعملون لحساب موظفي الميناء، يعرضون خدماتهم لإنهاء إجراءات الوصول واستخراج الترخيص المؤقت لسيارتك، فإذا قبلت قيام أحدهم بإنهاء تلك الإجراءات، يكون ذلك مقابل 500 جنيه أتعابا خاصة له عن كل سيارة، هذا بخلاف الإكراميات التي سوف تدفعها لكل من يقابلك داخل الميناء، فهذا مسئول المفرقعات وهذا مسئول الدفاع المدني وهذا مسئول اللوحات، مرورا بمسئول البصمة، وصولا إلى عمال الشحن والتفريغ، حيث يتم تفريغ محتويات سيارتك ووضعها على جهاز الفحص، ثم إعادتها للسيارة مرة أخرى، ويقدر إجمالي ما تدفعه بخلاف الرسوم المقررة بألف جنيه!

ويقوم هؤلاء المرتزقة بإنهاء إجراءات الوصول واستلام التراخيص المؤقتة للسيارات من داخل مكاتب موظفي الميناء، وبما يؤكد أن تلك العصابة تعمل لحساب موظفي الميناء.

أما إذا قررت أن تخوض هذه الإجراءات بنفسك، فسوف تندم كثيراً، لأنك في النهاية سوف تلجأ لأحد أفراد هذه العصابة لإنهاء إجراءاتك بعد أن يرفض مسئول الدفاع المدني اعتماد صلاحية طفاية الحريق، ويطالبك بشراء طفاية جديدة، وقيام مسئول المفرقعات بتفكيك سيارتك للبحث عن متفجرات، ووقوفك أمام كل شباك قرابة الساعة دون أن ينظر إليك الموظف لانشغاله بإنهاء طلبات المرتزقة الذين يعملون لحسابه من داخل المكتب، وتتكرر مظاهر الفساد والابتزاز معك في رحلة العودة أيضاً، مع العلم أنك لا تشعر بأية معاناة عند مغادرتك للموانئ السعودية أو مرورك بأحد منافذ المغادرة، حيث يتم فحص محتويات السيارة بوسائل حديثة ومتطورة (الأشعة) دون تفريغ المحتويات، وتقوم بإنهاء هذه الإجراءات بنفسك داخل صالات مكيفة ومجهزة لاستقبال المسافرين تسير خلالها وأنت داخل سيارتك في مسار محدد لإنهاء الإجراءات لتصل في نهايته إلى رصيف الميناء.
السياحة في مصر من أهم مصادر الدخل القومي، وقطاع الموانئ بصفة عامة وموانئ البحر الأحمر بصفة خاصة يمكن أن يقوم بدور كبير في تنشيط حركة السياحة وجذب المزيد من السائحين، حيث ترتبط منطقة الخليج العربي بمصر من خلال موانئ البحر الأحمر وخليجي السويس والعقبة، ولدينا مدن ومواقع سياحية كثيرة بسيناء والبحر الأحمر كالغردقة والجونة ومرسى علم وشرم الشيخ وغيرها يمكن تدعيم وتنشيط السياحة بها وجذب مزيد من السائحين الخليجيين إليها، وذلك من خلال تطوير آلية العمل بالموانئ وحسن التعامل مع السائحين، وإنهاء سيطرة مافيا المصالح على منظومة العمل بالموانئ، وتهيئة صالات القدوم والمغادرة بصورة تليق بحضارة وتاريخ مصر، وتفعيل نظام الشباك الواحد لسرعة إنهاء الإجراءات للمسافرين، مع العلم أن المسافر ليس لديه مانع من سداد رسوم إضافية للدولة تعادل قيمة ما يتم دفعه من إكراميات لمافيا الميناء يمكن استخدامها في تطوير المرافق  بالميناء وتقديم خدمات أفضل للمسافرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top