اصبح تغيير المفاصل الطبيعيه للإنسان وتركيب مفصل صناعي بدلا منها، من أكثر العمليات شيوعا هذه الأيام لعلاج أمراض المفاصل المزمنة، والتي تسبب آلاما مزمنة بالمفاصل، فضلا عن تيبس الحركة. والمفصل الصناعي عبارة عن قطعتين معدنيتن أو أكثر بينهما قطعة من البلاستيك عالي الجودة يتم تركيبه أعلى العظام على سطحي المفصل المتقابلين بعد استئصال الغضاريف المتآكلة، وتعد عمليات تغيير المفاصل من أنجح عمليات جراحة العظام، خاصة في مفصل الفخذ والركبة، حيث إنها ساعدت ملايين المرضى حول العالم للتخلص من آلامهم المزمنة الناتجة عن خشونة المفاصل، وكذا تيبس المفصل وانعدام الحركة في أحيان كثيرة، مما أدي إلى تحسن أحوال المرضى النفسية والمعيشية، وتحول مرضى المفاصل إلى أفراد مستقلين لا يحتاجون مساعدة أحد في الحركة والعمل.
يتم تركيب المفاصل الصناعية عندما يصيب المفصل الطبيعي تآكل شديد بالغضاريف المبطنة لسطح المفصل، والتي لا تستجيب للعلاج التحفظي، مثل أمراض خشونة المفاصل العمرية، وأمراض الروماتويد بأنواعه المختلفة، ومرض التكلس المفصلي، ويفضل بالطبع أن يتم تغيير المفاصل في سن متقدمة، حيث تكون حركة المريض محدودة، لتجنب فشل المفصل الصناعي في مهمته، وتزايد الحاجة لتغييره مرة أخرى.
أما عن المواد الداخلة في تصنيع المفاصل، فهي سبائك متعددة وكثيرة، من أشهرها الستينلس ستيل والتيتينوم والسراميك، وتخضع لأبحاث مستمرة للتوصل إلى أحسن مادة لا تحدث تفاعلات سلبية داخل جسم الإنسان، وكذلك لتتحمل الجهد العالي للمفصل ولضمان جودتها فترة طويلة.
بدأت عمليات المفاصل في إنجلترا أواخر السيتينيات وأوائل السبعينيات على يد رائد جراحة المفاصل العظيم سير جون شانلي أول من صمم وقام بتغيير مفصل الفخذ ووضع القواعد الأساسيه لعلم تغيير المفاصل بفضل دراساته المتعمقة في تشريح المفاصل الطبيعية وفهم الميكانيكا الحيوية لاتجاهات وآليات الحركة بها، ومن ثم صنع وتركيب مفصل صناعي يشبه إلى حد كبير المفصل الطبيعي. وبالطبع تطورت صناعة المفاصل بشكل كبير هذه الأيام، وكذلك طريقة تركيب المفصل والآلات الجراحية المستخدمة، بحيث تصبح أقل تعقيدا وأقل خطرا على المريض وأطول عمرا، حتى إننا أصبحنا نستعين بجراحة تغيير المفاصل في الأطفال والشباب الذين يعانون من تشوهات خلقية أو المصابين بأمراض مبكرة تسبب تآكل في المفاصل مثل أمراض الروماتويد وأمراض الدم المزمنة أو المصابين بسرطان العظام.
لم تعد عمليات تغيير المفاصل من العمليات الجراحية المعقدة كما كانت بالسابق.. هذا وتتسابق الشركات المنتجه في تحسين المنتج ويجتهد جراحي العظام في التوصل لأحسن وسيلة جراحية لتركيب المفاصل، واصبحت نتائجها من أفضل النتائج التي يشعر بها المريض فور إجراء العملية، حيث يختفي الألم تماما وتعود إليه حركة المفصل المفتقدة.
ومن الطرائف التي نسمعها من مرضانا المصريين في بعض الأحيان الرافضين إجراء هذه العملية: هو إحنا هانغير خلقة ربنا يا دكتور؟ أو هو إحنا هانعيش أكتر ما عشنا؟ وكأنه كتب عليهم تحمل آلام الحياة وآلام المفاصل معا!
يحتاج مريض المفصل الصناعي إلى المتابعة الدورية مع طبيبه المعالج على فترات زمنية محددة، وذلك للتأكد من وضع المفصل وطبيعة الحركة، وكأن المريض يجري عملية صيانة دورية للمفصل الذي تم تركيبه، وأخذ نصائح لكيفية التعامل وما هو المسموح به وغير المسموح في نشاطه اليومي.
أما عن المضاعفات التي تنتج عن عمليات تغيير المفاصل، فهي للأسف كثيرة، منها تكرار خلع المفصل وعدم استقراره، وكذلك حدوث التهابات ميكروبية في المفصل وتكون صديد بالجرح يؤدي في النهايه إلى استخراج المفصل الصناعي وتركيب آخر بعد فترة للتأكد من خلو المكان من أي ميكروب، كذلك قد يصاحب عمليات تغيير المفاصل حدوث جلطات وريدية في الساق تحتاج علاجا دوائيا طويلا مع البقاء في السرير. لكن كل هذه المضاعفات يمكن تجنبها بسهوله عند عمل العملية في التوقيت الصحيح، وبعد فحص المريض جيدا واختيار المفصل المناسب لحالته العامة وحالة عظامه، وإعطاء الأدوية الوقائية اللازمة لمنع حدوث التهابات أو جلطات وريدية، وفي النهاية، اود أن اقول لمرضى المفاصل: لا تخشي إجراء عملية تركيب مفصل صناعي، فهي عمليه ناجحة جدا بالمقاييس الطبية، ومتطورة جدا بالمقاييس الفيزيائية والميكانيكية.
للتواصل مع الكاتب:
morsyatef@yahoo.com