د. عاطف مرسي يكتب: هو أنا عندي هشاشة يا دكتور

هشاشة العظام.. اشتهر اسم هذا المرض في السنوات الأخيرة في مصر بدرجة كبيرة، أو بالأحرى مخيفة، تزامنا مع اكتشاف عدد كبير من العقاقير الطبيه التي تعالج هشاشة العظام بطريقة أو أخرى.. تزامن مع هذا الوعي العام بمشكلة هشاشة العظام، تطور طرق تشخيص المرض من الأشعات العادية إلى الموجات فوق الصوتيه وقياس كثافة العظام بطرق تقنية حديثة، والحقيقه فإن انتشار اسم المرض في مصر أكبر بكثير من حجم المشكلة الصحي، وذلك نتيجة الدعاية المفرطة والممولة تمويلا سخيا من الشركات المنتجة للأدوية عالية الثمن التي تمنع وتعالج هشاشة العظام، مما زاد من تخويف الجمهور جدا من الهشاشة، واعتبارها (القاتل الصامت).

وقد بلغ تخويف الجمهور من هشاشة العظام مبلغا كبيرا، لدرجة أنه أصبح السؤال المعتاد لكل فتاة أو سيدة ترتاد العيادة: (هو أنا عندي هشاشة يا دكتوور؟ طيب ممكن اعمل أشعه أو تحليل عشان الهشاشه؟)

هشاشة العظام هي نقص الكمية الكلية للعظام المتكلسة في جسم الإنسان، نتيجة التقدم في العمر مع نقص الكالسيوم وفيتامين د، وقد تنتج الهشاشة عن بعض الأمراض مثل الأورام السرطانية أو الأمراض المناعية، وأي مرض أو حادث يقعد الإنسان عن الحركه أو تعاطي بعض العقاقير الطبية بكميات كبيرة، وهذا النوع الأخير يسمي هشاشة العظام الثانوية، وللعلم فإن مرض الهشاشة الأولي الذي يصيب الإنسان نتيجة التقدم في العمر أو في بعض السيدات نتيجة توقف الدورة الشهرية، ونقص الهرمونات الأنثوية، هو قليل حدوثه في مصر نتيجة سطوع الشمس طوال العام، والتي تساعد على تكوين فيتامين \”د\” تحت الجلد، وكذلك توافر الكالسيوم بنسبة كبيرة في معظم الأطعمة الرخيصة والألبان.

وليست لمرض الهشاشة أعراض محددة، وربما يعاني المريض المصاب بهشاشة العظام من آلام بسيطة في معظم أجزاء الجسم، مع أقل مجهود، ويمكن تشخيص هشاشة العظام من الأشعة العادية، إذا فقدت العظام ثلاثين في المائة من كثافتها.

أخطر ما يصيب مريض هشاشة العظام، هي الكسور في مناطق متفرقة من الجسم نتيجة حادث بسيط أو ازتكاز الذراع والساق بالكرسي أو حتى حافة السرير في المنزل أو الانزلاق البسيط على حرف السجاده مثلا بالنسبة لكبار السن.

تنفق الولايات المتحدة ملايين الدولارات سنويا لعلاج الكسور الناتجة عن هشاشة العظام، وللوقايه من هشاشة العظام ينصح بممارسة الرياضة يوميا والحفاظ عى الوزن المثالي للجسم، وتناول الألبان ومشتقاتها، ويجب على السيدات الحوامل والمرضعات، أخذ كمية من الكالسيوم والفيتامينات اللازمة للحفاظ على جودة عظامهن وصحة أطفالهن وحتى يتجنبن الهشاشة المبكرة مع بلوغ سن انقطاع الدورة الشهرية.

ولوقاية كبار السن من الكسور نتيجة الحركة البسيطة في المنزل، يجب تجنب كل شيء قد يعيق الحركة داخل المنزل مثل أسلاك الكهرباء أو التليفون أو درج السلم، وربما السجاد العالي أو الأرضيات الزلقة.

أما علاج هشاشة العظام، فيحتاج وقتا طويلا.. جرعات عالية من الأدوية التي تساعد على وقف عمليه هدم العظام وإعادة بنائها، وهناك مجموعات كثيرة من الأدوية التي لا يجب تناولها إلا بأمر الطبيب ومتابعته، وأول هذه المجموعات أدوية الكالسيوم وفيتامين دي، والتي تساعد على تعويض نقص هذه العناصر في الجسم، وهناك مجموعات أدوية أخرى تعمل على وقف هدر العظام، مثل أدوية الباي فوسفونيت ومشتقاتها، وهناك أدوية تساعد على بناء العظام المعتلة، مثل بعض الهرمونات الاستروجين والكالسيتونين ومجموعات أدوية حديثة تعطى عن طريق الحقن في الوريد مرة واحدة كل ستة أشهر أو كل عام.

أما الكسور الناتجه عن هشاشة العظام، فتحتاج تعامل خاص من جراح العظام، وتستدعي أنواع خاصة من طرق التثبيت والشرائح المعدنية المخصصة لهذا النوع من العظام، كما يجب على المريض في هذه الحالات أن يتعاطى بجانب الجراحة جرعات عالية من أدوية الهشاشة للإسراع في التئام الكسور وتخفيف الألم.

وفي النهايه فإنني قصدت في هذا المقال تخفيف وطأة خوف المصريين من هذا المرض، وأن أوضح أن الوقايه منه سهلة ورخيصة جدا في بلدنا، وأننا يمكننا جميعا تجنبه.

morsyatef@yahoo.com

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top