د. سامح شريف يكتب: هل تريدين مراقبة أبناءك على شبكات التواصل؟ اسألي الشخص الثالث

\"\"

كثير من الأمهات يشتكين من انتشار المحتويات الإباحية على العديد من المنصات الإلكترونية كالمواقع الإلكترونية واليوتيوب والفيس بوك وغيرها، في الوقت الذي يشهد دخول أبنائهن بشكل يومي لشبكة الإنترنت ومختلف منصات التواصل الاجتماعي ويقضون معها ساعات طويلة يوميًا دون رقابة عليهم من جانب الأب أو الأم، خاصة بعد الاندماج الذي حدث بظهور الهواتف الذكية وإتاحتها لمتابعة مختلف المنصات الاجتماعية من خلال التطبيقات التي يتم تنزيلها على أجهزة الجوال.
وتستشعر الأمهات الخطر بشكل أكبر عندما يصل الأبناء لسن المراهقة، والذي تتزايد فيه أخطار مشاهدة هذا المحتوى، نظرًا لما قد يترتب عليه من سلوكيات سلبية نتيجة ضعف إدراك الأبناء في هذا السن.
إشكاليات ثلاث:

وتجد الأمهات أنفسهن أمام هذا الأمر دون أن يكونه لديهن ما يفعلونه للتعرف على مشاهدة الأبناء لهذه المحتويات من عدمه وحمايتهم من مخاطرها إذا كانوا يشاهدونها بالفعل، فلا هن يستطعن إزالة هذا المحتوى الإباحي من الإنترنت، ولا يستطعن كذلك إبعاد الأبناء عن الإنترنت والسوشيال ميديا التي أصبحت بالنسبة لكثير من الشباب كالماء والهواء، كما أنهن لا يستطعن مواجهة أبناءهن بهذا الأمر، تارة بسبب الخجل من الحديث مع الأبناء في مثل هذه الموضوعات، وتارة أخرى بسبب تأكد الأمهات من أن الأبناء سينكرون بقوة مشاهدتهم لهذا المحتوى أو قيامهم بتبادل رسائل غير لائقة مع بعض الشباب والفتيات.
تأثير الشخص الثالث:

ولأن البحث العلمي لم يأتِ كعلم يتم تدريسه في قاعات الدراسة فقط؛ وإنما جاء ليرتبط بكافة تفاصيل الحياة، ولكي يقدم حلولا لمختلف المشكلات التي تواجه البشر، فيمكننا استلهام الحلول العلمية التي تمكن الأمهات من السيطرة على سلوك الأبناء على الإنترنت، والسوشيال ميديا تحديدًا التي أصبحت عادة اتصالية يومية يقضي الشباب في متابعتها الكثير من الوقت.
وفي صدارة النظريات العلمية التي تصدت لبحث حلول لهذه المشكلة، نظرية تأثير الشخص الثالث Third Person effect والتي وضعها فيليبس دافيسون، فقد لاحظ دافيسون أن الناس يميلون لتقدير تأثير وسائل الإعلام على سلوك الآخرين أكثر مما تحدثه عليهم أنفسهم، وهو ما أسماه بعض الباحثين بالتحيز الإدراكي، ويعني تحيز الفرد لذاته عند تقديره لتأثير المضامين الإعلامية، فمحتوى الرسائل السلبية يفترض أنها تؤثر على الآخرين بدرجة أكبر من التأثير على الذات، في حين يفترض أن يحدث عكس ذلك عندما تكون هذه الرسائل إيجابية.
وقد فسر دافيسون نظريته بالقول \”إذا أردنا تقييم تأثير الإعلام؛ فإن التأثير الأكبر لوسائل الإعلام لا يكون علىّ ولا عليك أنت ولكن سيكون عليهم أي الشخص الثالث\”. وبكلمات بسيطة فإن الفرد لا يستطيع ذهنيًا تقبل أن يكون هو المتأثر بالرسائل الإعلامية وإنما ينسب هذا التأثر لأشخاص آخرين غيره وغير من يسأله، لكنه في الحقيقة يتحدث عن تأثره هو بالمحتوى الإعلامي سواء على مستوى الإدراك أو الاتجاهات أو السلوك الفعلي.

ثلاثة أسئلة:

ولكي تستفيد الأمهات من هذه النظرية في التعرف على سلوك أبنائهن إزاء المحتوى الجنسي الذي يعرض وما إذا كانوا يشاهدونه أم لا، أو أنهم يقومون بإجراء الدردشات عبر المنصات الاجتماعية مع شباب وفتيات بشكل غير لائق وغير أخلاقي؛ فإن عليهن إدارة الحوار مع أبنائهن بشكل ذكي، بسؤالهم عن آرائهم في متابعة المحتويات الجنسية على الانترنت أو آرائهم في الدردشات غير الأخلاقية عبر السوشيال ميديا بشكل عام، وسؤالهم عن أصدقائهم الذين يتوقعون أن يكونوا من متابعي هذه المحتويات أو يقومون بهذه المحادثات الجنسية، والذين سيشكلون في هذه الحالة الشخص الثالث، ثم يسألونهم عن آرائهم في مخاطر هذه المتابعات علي أصدقائهم من النواحي الصحية والاجتماعية والدراسية وغيرها.
وبذلك تكون الأمهات قد أضأن نقطة نور ولو ضعيفة أمام أبنائهن وشكلن لديهم وعيا بمخاطر هذه المواقع والممارسات الإباحية عليهم دون أن يستشعروا الخجل من أمهاتهم أو يضطروا للكذب ونفي متابعتهم لهذه المحتويات واستشعار السلطة الأبوية أو سلطة الأمهات المفروضة عليهم والتي تجعلهم يستنفرون قواهم ويعاندون المحاولات المباشرة للسيطرة عليهم وتوجيههم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top