دينا شرف تكتب: وهل من الإسلام أن تذبحوا إسلام؟

 

الضلمة ظالمة والعمى ضلمة          يا رب إمتى ع النور تجمعني 

إمتى أخطي الضلمة بالكلمة          وأقول وكل الدنيا تسمعني

استهل مقالي بكلمات الشاعر الكبير سيد حجاب غناء المطرب الكبير علي الحجار بمسلسل \”الأيام\”، فهذه الكلمات قد تواترت على ذهني مرات ومرات في الأيام القليلة الماضية، بعدما أصابني هول ما أصاب المجتمع المصري من جمود وظلام للفكر وتعنت في الرأي، وصل إلى حد العداء الذي يفترق عنده رفقاء الدرب الواحد الذين لم  يكونوا ليفترقوا من قبل!

وما حدث الأيام القليلة الماضية فيما يخص قضية الأستاذ إسلام بحيري قد أثبت أن مصر تعود للخلف بعد أن كدنا ندفع بالعجلة إلى الأمام ونتوسم في القادم خيرا عما كان!

لا أدري من المسئول الأكبر ذنبا في ما حدث من مهزلة امتدت لشهور من الجدل والثرثرة وإطلاق الأحكام بالتكفير ورفع الدعاوي القضائية  وتذمر مؤسسة الأزهر بكبار علمائها الذين انتفضوا جميعا لمحاربة إسلام البحيري  وتكفيره، لكنهم لم ينتفضوا قط بهذه السرعة لمحاربة الإرهابيين والخونة وتجار الدين الذين يسكنون مؤسسة الأزهر ويعششون بأركانها ويتقلدون مناصبها، ليخرجوا أجيالا من المتطرفين المُظلمين الذين أساءوا للدين وألصقوا به ما ألصقوا من خرافات وترهات وقشور كادت أن تطمس جوهره الصحيح!

حيث نسمع منذ أكثر من عام توجيهات الرئيس بضرورة تجديد الخطاب الديني  وتصحيح المفاهيم المغلوطة والمتلاعب بها من قبل شيوخ الفتنة المسيسين والعودة به لجوهره الصحيح، وهذا ما دعا إليه شيخ الأزهر، وبالفعل تم إيقاف معظم  شيوخ الإخوان والمتطرفين من اعتلاء المنابر وإقالة معظمهم بقرارات رسمية.

وقد كان إسلام البحيري ممن تصوروا أن الأمر جد حقيقي وأن أفكاره المستنيرة ودراساته المستفيضة في صحيح الدين قد تخرج  للنور ويتلقاها الجميع، دون حظر ويستفيد منها الشباب الذين انصرفوا بنسب كبيرة عن الدين خاصة بعد تجربة  انفراد المتأسلمين بالحكم وانكشاف وجوههم الحقيقية التي نفرت قطاعات كبيرة منهم ومما يتاجرون به ويحاولون فرضه علي المجتمع المصري!

ما الذنب الكبير الذي اقترفه إسلام؟ هل كفر عندما اجتهد ودرس سنوات حتى توصل لنتائج  شديدة المنطقية، وهي أن فتاوى بعض الفقهاء الأوائل وعلى رأسهم، البخاري، ليست من الدين وإنما هي اجتهادات أشخاص قد يصيبوا أو يخطئوا فلا علينا أن نتخذ منها منهجا ونعتبرها في مصاف الكتاب المنزل من عند الله؟

هل كفر إسلام عندما حاول تصحيح المفاهيم المغلوطة والفتاوى التي لا تتناسب مع  تغير الزمن؟ والتي يتخذ منها الجامدون المظلمون قرآناً لا يحيدون عنه ومن يحيد عنه فقد كفر؟

فلم  ينتفض الأزهر لإصدار فتوى بتكفير داعش، هذا التنظيم المتطرف القاتل الدموي الذي يستحل كل ما نهي عنه الإسلام لخدمة أغراضه الدنيئة وخاصة  فتاوى الفقهاء الأوائل، وكانت الحجة أنه لا يجوز تكفير من شهد الشهادتين وصام وصلى!

لكنهم وبكل فجاجة وتناقض قد سارعوا إلى تكفير إسلام  الذي يصوم ويصلي ويقرأ القرآن، لمجرد أنه تجرأ على فضح خزعبلات أفتى بها بشر في زمن آخر ربما كانت تناسبه تلك الفتاوى والأفكار، وما هي في النهاية إلا اجتهادات محمودة، مثلها مثل اجتهادات إسلام في محاولة لإظهار سماحة الإسلام التي شابتها شوائب العنف والقتل بفعل تلك الفتاوى السابقة.

أما عن هذا المجني عليه فقد تتفق أو تختلف مع أفكاره وما توصلت إليه دراساته في كتب الأثر والتراث، ولكنك لا تنكر أبدا مجهوداته، فلسنا بصدد التقييم، لكنه في النهاية مجتهد، فإن أخطأ فله أجر وإن أصاب فله أجران.

لكن للأسف ما حدث من مشهد جنوني، اجتمع فيه الأزهر والقضاء والمسئولون الذين يدعون لتجديد الخطاب الديني ليلا ونهارا، على ذبح إسلام وإرهاب من تسول له نفسه أن  يقترب أو يجتهد أو يقول قول حق في زمان قد اعتلى فيه الباطل عرش كل شئ.

نهاية.. هل  قضيتم على الإرهاب وحاربتم التطرف وطهرتم الأزهر من خفافيش الظلام التي تسكنه، وأصلحتم مؤسسات الدولة التي تفوح منها رائحة الفساد وجددتم الخطاب الديني لتجتمعوا جميعا على محاربة شخص واحد مسالم، أعزل لا يحمل سلاحا، كل ذنبه أنه اجتهد لتنقيه كتب التراث من القشور الهشة والتي لا تتناسب والعصر الحديث، والتي مثلت ذريعة وحجة يتخذها كل المتطرفين لتحليل وتبرير ما يرتكبون من خطايا  باسم الدين!

فكما قتل المتأسلمون الدكتور فرج فودة، قتلتم أنتم إسلام البحيري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top