دنيا ماهر تكتب: علامات الطلاق الكبرى

العلاقات الإنسانية ككل ما في دنيتنا فانية، تمر في دائرة الولادة في إتجاه الموت، هناك علاقات تجد في نهايتها بداية لتولد من جديد وتتجدد، وبعض العلاقات للأسف ببساطة تنتهي رغم كونها لا تفنى، قرار الرحيل ليس سهلا أبدا، وإذا كنا نتحدث عن طلاق بين متزوجين يكون الأمر أكثر مرارة وإيلاما وصعوبة، بحكم حجم التغيير المخيف وبحكم المخاوف على نتائجه.. على الأطفال في حال وجودهم، وينصح الجميع بمحاولة حل المشاكل أو حتى تجاهلها في سبيل إكمال المهمة وتربية العيال، لكن، متى قد يصبح الطلاق حلا ومتى يصبح حتى آمنا لصحة الأطفال النفسية؟

هناك علامات كبرى لو استمرت لفترات طويلة بلا علاج واع وفعال، ستؤدي لإحدى الأخطاء الكبيرة والتي تجعل من الطلاق حلا حتميا وضروريا، كإساءة معاملة الأطفال.. التوقف عن الإنفاق على الأسرة.. الخيانة النفسية أو الجسدية المتكررة.. إدمان المخدرات، أو التعنيف الجسدي واللفظي المتكرر.

قبل ذلك بقليل سيظهر أصعب سؤال قد يواجهه متزوج، هل حان الوقت للطلاق؟ فكل موقف مهما كان بسيطا يتحول لشجار.. حوادث الماضي اللعينة دائمة الإستدعاء في حوارات اليوم.. تشعر بالاختناق في وجود الشريك وبعدم الراحة.. هل تغيرتما كثيرا حتى لم تعد تعرف من هذا الشخص النائم بجانبك؟ هل توقفت عن اشتهائه وماتت بينكما الرغبة؟ كلها علامات تهددك باقتراب وقت الطلاق، لو لم تحل برغبة جادة من الشريكين.

وهذه أهم علامات الخطر الكبرى:

الإنفصال النفسي وافتقار التواصل: حين يصبح وجودك مع شريكك في نفس المكان عبئا لا تحتمله، حين تملوا من قضاء الوقت معا، حين ينفصل كل منكما بعالمه تماما عن الآخر وحين يصبح مجرد محاولة إقامة حوار عادي أمر شاق، توقفتما عن كونكما فريقا واحدا، كل منكما الآن يلعب في الحياة منفردا.. يأخذ قرارته من دون الرجوع للآخر ولا يحمي أحدكما ظهر الآخر؟ هل أصبح تواصلكما أو نقاشكما للوصول لحلول أمرا خياليا لا يمارس أبدا؟ كلها علامات خطرة قد تؤدي للطلاق.

تداعي الاحترام والاهتمام: لا يوجد ما هو أسوأ من افتقاد الاحترام في أي علاقة، خصوصا الزواج.. العلاقة تصبح مسممة وذات تأثير خطير على الشخص المفتقد للاحترام، والذي يشعر بالرفض عادة وبالإهمال والخزي.. لم يعد أحدكما يحترم رغبات الآخر، ولا إحتياجته ولا يهتم لأمره، وقد يتطور الأمر لإساءات نفسية وجسدية مما يهدد سلام الأطفال أيضا.. لا يوجد حب أو شراكة بلا احترام.

عدم التوافق على أساسيات حياتية: أحدكما يريد العيش هنا والآخر يود الهجرة؟ أحدكما يود إنجاب الأطفال والآخر لا يتخيل الفكرة؟ أحدكما أصبح متدينا بشكل متطرف يزعج الشريك الأكثر إنفتاحا؟ الاختلاف دائما موجود، لكن هناك اختلافات تقوض شراكة كالزواج، لأن أهدافكما في الحياة متباعدة عن بعضها ومختلفة، وقد لا تفلح معها المساومة.

إذا.. وجود العلامات الكبرى الدالة على قرب شبح الطلاق، قد يكون تهديدا أو بالأحرى تنبيها لك ولشريكك بوجوب الاستيقاظ والبدء في بذل مجهود ما لتغيير حال زواجكما للنجاة من الطلاق، فماذا نفعل؟

أولا: حافظ على هدوئك وثقتك، فالطلاق ليس نهاية العالم.. أنت تحاول المحافظة على إستثمارك في هذا الزواج، وتحاول إنجاح الشراكة، لكن لو فشلت لن ينهار العالم.. أنت تريد الشريك أن يتذكر ما أحبه فيك، لم تكن خائفا أو مرتبكا حينها، كما أن المسؤلية تقع على عاتقكما معا، فلا تجلد ذاتك.

ثانيا: ابحث عن أرض مشتركة، نشاط ما كنتما تستمعان بفعله معا، وحاول إعادة ممارسته، حاول أن تستعيد طرق تفاهمكما وتكتشف كيف تدير حوارا مع شريكك من جديد، حاول أن تستعيد مساحة الصداقة، وأن تستمعا بصحبة أحدكما للآخر.

ثالثا: المصارحة مهمة، لكن يجب أن نتحلى بالديبلوماسية اللازمة بدون أن نخفي حقائق.. احرص حين تعرض مشاكلك في العلاقة أن تتحدث عن نفسك وعن تأثير الأحداث عليك.. تجنب توجيه الإتهامات.. الأحكام أو السخرية من الآخر، أنت تحكي الآن لتحل الأمور لا لتجري معركة.. كن أمينا واطلب منه أن يكون أمينا كذلك.

رابعا: ابدأ في مشاركة الآخر في خيالك للمستقبل، إشركه في خططك وأفكارك، المزيد والمزيد من التواصل هو ما تحتاجه العلاقة الآن، قد تفيد بعض الجلسات عند طبيب متخصص في نفسية الأزواج.

خامسا و أخيرا: كن منفتحا ومستعدا للتغيير، تسامح مع الماضي حلوه ومره، فهو لن يكرر نفسه إلا بمساعدتك، فكن حذرا، واملك النية الصادقة للإصلاح مع بذل المجهود الكافي، ومع التسليم بكامل حق الطرف الآخر في التجاوب أو الرفض، ولن تحتاج إلا بعض الحظ السعيد ومساندة القدر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top