للحظات قليلة.. اغمض عينيك وتخيل نفسك سلمى الفولي, لا لم اخطأ في الاسم, فقط اطلب منك للحظات قليلة أن تتخيل معي سواء كنت ذكرا أو أنثى أنك سلمى الفولي بطلة الكليب الذي أثار حفيظة واستياء الكثيرين والمعروف باسم \”سيب إيدي\”.
الآن.. هل يمكن أن تشرح لي أو لنفسك بهدوء ما تشعر به حيال كونك سلمى الفوي.
إن قضية سلمى الفولي لا تتوقف عند كونها قدمت فيديو اعتبرته السلطات يدعو للفسق والفجور، لكن سلمى وغيرها من النساء اللاتي يعملن في وظائف تسلع جسد المرأة يفتحن ملفا مسكوتا عنه طويلا في مصر.
ففى ظل حكومات تجرم ممارسة الرزيلة وتدين طرف واحد فقط, وهو الأضعف بالطبع، وأعني النساء، وفي ظل منظمات حقوقية تسجل فقط العنف الموجه ضد العاملات بالجنس مثلا، وأخرى نسوية تتحدث بصوت هامس عن حقوق هؤلاء النسوة. وفي نطاق يبتعد تماما عن أي أحكام أخلاقية.. كيف يمكن أن تحصل النساء اللاتي يضطررن لبيع أجسادهن، سواء بالعمل في الجنس أو العمل في وظائف تضطر المرأة لعرض جسدها كسلعة كالفيديوهات أو الإعلانات الهابطة مثلا، أن يتحصلن على بعض من حقوقهن.
كانت لتونس الدولة العربية الوحيدة منذ شهور قليلة صولات وجولات حول هذه القضية، حيث وقفت مجموعة من العاملات بالجنس أمام المجلس الوطني التأسيسي للمطالبة بإعادة فتح إحدى المواخير التي أغلقها الشباب السلفي في مدينة سوسة. وافقت رئيسة المجلس على مقابلة ثلاث من هؤلاء النساء للاستماع إلى مشاكلهن. فمن الجدير بالذكر أن تونس فقط هي من قننت هذه المهنة، وأعطت الفتيات كارنيه كتب عليه \”موظفات بقطاع الداخلية\”, وقد قامت تونس بوضع هذا الإطار القانوني فقط لحماية هؤلاء الفتيات بغض النظر عن أي شئ آخر.
أما الجدال حول تجارة جسد المرأة بكافة صورها في الدول الغربية، فإنها تأخذ منحى مختلفا، حيث إن المشكلة هناك تأخذ أبعادا فلسفية حول كونها حرية فردية في بيع الجسد مقابل المال أو بين كونها استغلالا واستباحة لأجساد النساء.
وبالعودة إلى مصر مرة أخرى، سواء تم تقنين الدعارة أو غيرها من صور استخدام جسد المرأة أو وقفها، ففي الحالتين علينا أن نضع نصب أعيننا مشاكل هؤلاء النسوة ومعانتهن مع الفقر والجوع والوصمة المجتمعية.. لم ينصب الله أيا منا وكيلا عنه في الأرض لمحاكمة الناس، فمن كان منكم بلا خطيئة فليرمي سلمى وشبيهاتها بحجر.