كنت اقلب في رسائل الـ others على فيسبوك، وهي – لمن لا يعلم – رسائل تأتي من أشخاص لا تعرفهم، فيضعها فيسبوك – إلهي يستره- في قائمة عنوانها others.. أي الآخرون أو – كما احب تسميتهم – غريبو الأطوار.
وجدت من ضمن رسائل الآخرين.. رسالة بعثتها لي سيدة أو آنسة – لا اعرف- بعد نشر مقال لي عن المطرب محمد منير على موقع زائد 18.. هذا نص الرسالة:
\”انتي مين عشان تشتمي محمد منير يا سودة يا أم وش عكر\”
ضحكت طبعا عندما قرأت الرسالة، خصوصا أن لون بشرة محمد منير لا يختلف أبدا عن لون بشرتي! لكن فضولي كان قويا، للتعرف على تلك التي قررت أن تمارس عنصريتها ضدي.. فتحت صفحتها على فيسبوك، ويالهول ما قرأت عليها!
آخر ما كتبته المذكورة على البروفايل الخاص بها \”بوست\”.. هذا نصه:
\”وزير الثقافة اللي يقول على موظفة إنها تخينة ولازم تخس.. ده وزير عنصري، هو عنده منصب من أرفع المناصب في مصر.. لازم يتشال لأنه لا يفهم في الإنسانية\”!
فتحت فمي وعيناي على اتساعهما من الدهشة والذهول.. هل هي مريضة؟ هل هي نفس الشخصية التي أرسلت لي رسالة تقول لي فيها: \”يا سودة يا أم وش عكر\”؟!
ولماذا أندهش.. إذا كانت الصحف نفسها، تضامنت مع موظفة وزارة الثقافة التي مارس وزير الثقافة عنصريته المقيتة وتخلفه عليها، ثم كتبت عناوين على صفحاتها من عينة: \”إحالة الموظفة السمينة للتحقيق\”!
يا مجانييييييين.
الحقيقة أن مجتمعنا صار مجتمعا للمرضى النفسيين فعلا.. يحوي أناس مرتبكين ولا يميزون.. يهاجمون مسئولا لأنه عنصري، ويمارسون هم – من ناحيتهم – عنصريتهم على بعضم البعض بمنتهى القسوة.. يصنفون بعضهم البعض.. هم مثل إعلامهم الذي يكرهونه ويشاهدونه يوميا.. هم مثل أفلامهم التي تسخر من ذوي الاحتياجات الخاصة وقصار وطوال القامة والسمر وذوي الأجسام الممتلئة والنحيفة، ثم نفاجأ بأن هذه الأفلام تحقق أعلى الإيرادات.. تماما كما سب الكثيرون المرأة التي رقصت في دريم بارك، بينما تنجح أفلام \”السبكي\” بكل الراقصات التي تحفل بهن، وتجد الطوابير بالأمتار أمامها في الأعياد! وتماما كما كان الإخوان يسخرون من شكل تهاني الجبالي، بينما كان المعسكر الآخر المعادي للإخوان يسخر من شكل عزة الجرف، وكما يحدثك أحدهم عن الحرية، ثم يقول لك: يجب أن تخلع النساء حجابهن كي يحررن عقولهن، بينما يجبر آخرون بناتهن على الحجاب ويقولون: هذه حريتهن! أو كما يقسم لك بعضهم إنه مع حرية الرأي والتعبير، بينما يؤكد في الوقت نفسه: أن التظاهر مش وقته دلوقتي عشان إحنا بنحارب الإرهاب يا شمامين الكولة!
فيه حد معاه تليفون دكتور نفساني؟!