دعاء سلطان تكتب: دفاعا عن الخصوصية.. ضد وقاحة إعلام الفضائح

جريمة إعلامية مكتملة الأركان ارتكبها الإعلامي أحمد موسى في حق شخصية عامة، وفي حق جمهور صوت بالإجماع على احترام دستور يحفظ ويحترم ويحافظ على حرمة الحياة الخاصة للمواطنين.. كل المواطنين من السيد وحتى الخادم. (اقرأ مواد دستور مصر)

باب الحريات:

مادة 57: للحياة الخاصة حرمة، وهى مصونة لا تمس. وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائى مسبب، ولمدة محددة، وفى الأحوال التي يبينها القانون

مادة 58:

للمنازل حرمة، وفيما عدا حالات الخطر، أوالاستغاثة لا يجوز دخولها، ولا تفتيشها، ولا مراقبتها أو التنصت عليها إلا بأمر قضائى مسبب، يحدد المكان، والتوقيت، والغرض منه، وذلك كله فى الأحوال المبينة فى القانون، وبالكيفية التي ينص عليها، ويجب تنبيه من فى المنازل عند دخولها أو تفتيشها، وإطلاعهم على الأمر الصادر فى هذا الشأن.

مادة 59:

الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها، ولكل مقيم على أراضيها.

عرض الإعلامي أحمد موسى صورا لنائب تم انتخابه في برلمان الشعب، هي صور خاصة داخل منزله – بالأحرى داخل غرفة نومه- عرضها هكذا على الملأ بكل دناءة وخسة وبنظرة عين شبقة.. شرهة، ومستميتة على إحراز نصر أخرق وخائب ورخيص.

ثم طلب من صاحب الصور أن يرد على ما تم عرضه!

أي مستنقع هذا الذي يجروننا على الخوض في وحله؟!

لم يكتف الإعلامي أحمد موسى بما حققه من انتشار – في غفلة من ضمائر من يسّيرون أمور هذا البلد- بل إنه قرر بأدائه لعمله كإعلامي أن يهدم بعضا من آخر ما تبقى من رحمة الله بالمصريين.. قرر أن يقضي على ستر الله الذي تسير به شئون هذا البلد.

باسم الوطنية وحب مصر وتحيا مصر ارتُكبت في السابق كل الموبقات.. ابتلع البعض انتهاكات دستورية وانزلقوا في عفن ارتكاب جرائم أخلاقية، وقبلوا اختراقا فاضحا لخصوصيات الناس في مكالمات أذيعت على الملأ.. هللوا وصفقوا لمجرم تجسس على مكالمات أشخاص داخل غرف نومهم، وهتفوا بعد عرضه لبضاعته الرخيصة: تحيا مصر.

ولم يحاسب من تم فضحهم أبدا.. لم يحاسبوا إطلاقا.. فقط تمت مكافأة الفاضح (عبد الرحيم علي) بمقعد في البرلمان!

لم يسأل الناس لماذا لم تتم محاسبة المفضوحين! الإجابة لأنه لا توجد جريمة! فقط توجد فضيحة، ولو تم التحقيق، لتمت كلبشة هذا الفاضح – قانونا- ولتمت معاقبته بالحبس والغرامة هو ومن أعطاه تسجيلات المكالمات الخاصة لانتهاكه لقوانين الخصوصية طبقا للدستور.

التطور الطبيعي لحالة الشبق الوطني لدى الكثيرين، هو ما فعله بالأمس الإعلامي أحمد موسى، الذي عرض صورا فاضحة تهتك سترا وتنتهك خصوصية -بل وبكلام لا يقل وقاحة عما يعرضه- طلب من الذي فضحه أن يرد عليه! أي أخلاق هذه وأي قيم يتبناها هذا الإعلامي ومن يشاهدونه ويثقون في كلماته؟!

يا أيها الإعلامي المحترم، في بلاد العالم التي تحترم نفسها ويحترمها مواطنيها، مثلك لا مكان له إلا الإقصاء وغرامة تقصم ظهره وظهر من ساهم في ظهوره على الشاشات.. مثلك ممن ينتهكون الخصوصية ويشهرون بأفراد ومواطنين، وطبقا لدستورنا المصري، يعاقبون.. تخيل؟!

مثلك يضحكون عليهم ويستهزأون بطلتهم على الشاشات في العالم كله، خصوصا بعد فضيحة عرض فيديو للعبة على إنها حرب روسية في سوريا، ثم حماسك المبالغ فيه في تقديمها لجمهورك الذي تعتقد أنه جمهور من الحمقى – تلك هي الفضيحة بحق، والتي تستحق العرض وتستحق أن يتم تجريسك بسببها- مثلك لا يصطحبهم رؤساء الدول في رحلاتهم الخارجية، كونهم مجلبة للعار والخزي، بل يتلذذ الناس برميهم بالبيض والطماطم على الطرقات.

انتفض الناس عندما شوهت الإعلامية ريهام سعيد سمعة فتاة.. لم يهدأوا إلا بعد أن أوقفوها هي وبرنامجها.. تحاول العودة الآن لكن عودتها صعبة.. وليس أقل من أن يعاقب كل من هتك عرض شخص وشهر به.. مشهورا كان أو عاديا، فسلاح التشهير بأيدي إعلامي ما يعبث به كيفما شاء أمام شاشة يملكها أناس لا يحاسبونه، لن يتوانى عن استخدامه ضد أي أحد يقف أمامه.. تلك هي الكارثة التي يجب التصدي لها.. لست أنت ولا أي من أمثالك محل ثقة كي تشهروا بخلق الله كما تشاءوا.. أنت وأمثالك عرائس ماريونيت في أياد اختارتكم، لثقتها في إمكانياتكم الهزيلة وعقولكم الصغيرة (ناصعة البياض).

ننتظر محاكمة للإعلامي أحمد موسى لانتهاكه الدستور المصري وتعديه على حرمة الحياة الخاصة لمواطنين مصريين والتشهير بهم.. أما إن كنتم ترون أنه رمزا للوطنية، فسحقا لوطنية جوفاء جاهلة تبنى على انتهاك أعراض البشر وهتك سترهم، ولو كانوا أعداء.

نحن أيضا نتمنى أن تحيا مصر بطريقتنا.. لا بطريقته التي ستودي بمصر وأهلها إلى أسفل سافلين.

نتمنى أن تحيا مصر الحرة المحترمة التي لا تخوض في الأعراض ولا تنتهك الخصوصيات.. تحيا مصر التي تعاقب من ينتهك الخصوصيات على الشاشات.. تحيا مصر التي تحترم الدستور.. تحيا مصر، ويموت من يحاول أن يجعل شعبها شعبا خسيسا خواضا في الأعراض مستمتعا بالفضائح.

حاكموا من يحاول العبث في أخلاق شعب تربى على فكرة الستر.. حاكموا من يغيرون في طبيعة شعب كان يغطي عورات جاره قبل عوراته، ولا يكشفها لغريب ولو كان الثمن دمه.. حاكموا من يبيعون للشعب الوطنية في غلاف من الخسة والدناءة، فبمنطق وطنيتهم إما أن تكون خائنا، أو أن تكون وطنيا جاهلا غبيا ميت القلب والمشاعر، وعديم الأخلاق! منطق أعوج!

انسحبنا داخل بيوتنا.. داخل أجسامنا.. داخل أنفسنا، وتركنا لكم الوطن كله لترتعوا في جنباته بكل أدواتكم وحيلكم الرخيصة.. تحاربون بعضكم البعض، وتشوهون بعضكم البعض.. لا تذل نفوسنا فضائح، ولسنا ملزمين بدفع فواتير لأحد، ولا نخشى من أقاويلكم وغمزاتكم ولمزاتكم وتصريحاتكم البذيئة على كل من يعترض طريق خيبتكم، ولا يسندنا في حياتنا سوى خالقنا، فاتركوا لنا بعضا من الخصوصية.. وإن انتهكتوا خصوصيتنا أو خصوصية غيرنا بفجاجتكم وفجاجتهم المعهودة – صاحبا كان أو غير ذلك- فتلك معركتنا الحقيقية.. وسنخوضها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top