منذ أيام شاهدت حلقة للإعلامي \”الدكر\” يوسف الحسيني وهو يستعرض صورة للطفل الكردي إيلان، وكان يوجه سهام غضبه لكل من خذل السوريين، كان طيبا وحنونا ورقيقا ومتعاطفا مع اللاجئين السوريين الفارين إلى شواطيء أوروبا.. ووالله كان هذا اليوسف الحسيني هو أول من خذلهم عندما لجأوا لمصر!
عزيزي يوسف الحسيني.. كتبت مقالي هذا عندما أهنت اللاجئين السوريين في مصر.. والنبي تبطل استهبال وركوب موجة التعاطف الدولي مع السوريين.
إليكم نص المقال المنشور في جريدة التحرير بتاريخ: 13 يوليو 2013:
\”دكر؟! تاخد بعضك وترجع على سوريا.. لكن جاى لا مؤاخذة زى النتاية هربان وديلك فى سنانك وجاى هنا تعمل لى راجل.. لأ.. اظبط.. مش هنا خالص.. يبقى انت ماتعرفش المصريين\”.
كلمات خسيسة منحطَّة صدرت على لسان المذيع (الثورى، بين قوسين) يوسف الحسينى، على محطة \”أون تي في\” شديدة الاحترام.. تخيلت من الفيديو الذي تداولته مواقع التواصل الاجتماعي أن الكلمات مقتطَعة من سياق قد يكون محترَما، وقررت أن أشاهد الحلقة كاملة، كي لا أظلم المذيع \”الثوري\” آكل لحوم الإخوان! لكن السياق كله كان منحطًّا تماما!
بعيدا عن الخطاب المفرط في ذكورته حد الغثيان، فإن الكلمات بمجمل سياقها محرضة على سوريين عزل لجؤوا إلى حضن مصر مؤتمِنِين أهلها على ذويهم وأنفسهم.. ليس من النبل أن تهاجم شخصا ائتمنك على حياته، لمجرد أنه خاف وهرب من الموت.. تلك خسة ونذالة لا تصدر من محترمين.. الخائف لا يعاقَب لأنه خاف، ولكن يُعاقب من لجأ إليه ولم يؤمّنه.. هذه قاعدة إنسانية يا سيدي المذيع الذكر جدًا، كذلك لا يجوز أخذ قليلي الحيلة بجريمة الأقل حيلة ممن انساقوا وتم إغراؤهم بالمال أو الأمان مقابل المشاركة في اعتصام.
كلمة \”البعض\” التى بدأ بها يوسف الحسينى كلماته، لا تعفيه من جريمة التحريض ولا تشفع له ضد خطاب الكراهية تجاه كل سوري لجأ إلى مصر محتميا بأهلها.. كلماته لا تفرق بين عائل لجأ إلينا هربا من الموت ومن اغتصاب بناته، وفقير لجأ إلينا من الموت ومد له بعض دعاة القتل أيديهم.. كلماته غبيَّة ومستفزَّة وتدعو إلى الكراهية والتمييز بلا تمييز ولا حساسية، كأننا نكرِّر سيناريو معاداة الجزائر بسبب \”ماتش كورة\” بنفس غباء الخطاب الإعلامى الساذج السطحي، لكن الخطاب هذه المرة يرتدي ثوب الأمن القومي وحماية الثورة، بشوفينية تدفع حتى العاقل إلى كراهية كل الأوطان مقابل هذه التفاهة والفجاجة في الطرح.
وفي الوقت نفسه الذي \”يطرش\” فيه المذيع يوسف الحسينى أفكاره علينا، لا تتوانى مواقع التواصل الاجتماعي عن التحريض على معتصِمى رابعة العدوية بكلمات يتداولها الجميع كأنها الحقيقة، وملخَّصها أن \”الناس في رابعة مقرفين وريحتهم وحشة وعندهم جرب\”! (كلمة \”جرب\” ذُكِرَت صراحةً)!
كانوا يقولون في السابق نفس هذه الكلمات على المعتصمين مدة 18 يوما في ميدان التحرير، وقالوه في السابق على اللاجئين السودانيين في ميدان مصطفى محمود، وبرروا قتل كثيرين منهم بأنهم «يمارسون الجنس في الميدان ورائحتهم كريهة»، فاحذروا خطاب الكراهية ولا تتبعوه إطلاقا.. وحسنا فعلَت قناة «أون تي في» عندما اعتذرت اعتذرً صريحا إلى اللاجئين السوريين عمَا بدر من كلمات غبية من مذيع أخرق على قناتهم.