خالد مصطفى يكتب: فكر وليد زنا المحارم

اكتشف الإنسان قبل زمن طويل المشاكل الصحية والعقلية لدى الأطفال وليدي زواج الأقارب.. تنتج المشاكل عن الضعف الوراثي النابع من عدم تنويع الجينات وفقد فرصة تحسين النسل وتجميع الجينات المسببة للأمراض. في زمننا هذا تمنع الشعوب المتقدمة زواج الأقارب من درجة أولاد العم ومثيلتها وتظل الشعوب العربية تسمح بهذه الزيجات، بل وتباركها أحياناً، غير عابئة بالعلم واكتشافاته.

هذه الشعوب تعامل فكرها نفس معاملة جيناتها، فتراها تغلق على مؤسساتها وعلى فكرها لحمايتها من الآخر ولتركيزها على الثقة والقبلية على حساب الكفاءة والتطور.

ترى الجامعات في مصر تعين أبناءها، وأبناءها فقط. يجب عليك أن تتخرج بتقدير عالٍ وبترتيب على دفعتك ليتم تعيينك معيدا في الكلية، ثم تحصل على الماچستير والدكتوراه وتدرس في نفس جامعتك. وحتى إذا حصلت على الدكتوراه من الخارج، فكونك تستمد العلم من الخارج هو أمر طيب، لكنك تعود بنفس ثقافتك وفكرك لتجلس بجانب زملاء الدراسة، تتحدثون بنفس اللغة الثقافية، وتتفقون على نفس الآراء، وترجعون إلى نفس فكر أساتذتكم وأساتذة أساتذتكم بتطور علمي محدود بسبب عدم التطور الفكري. وترى جامعات الدول المتقدمة طاردة لأفرادها، تفضل عليهم القادم من جامعة أخرى في معظم الأحيان.

بالطبع يفضل أن يكون المدرس قادما من جامعة أعلى في المستوى، ولكن الجامعات تفضل جامعة أخرى ولو كانت على نفس المستوى. هذا يشكل بيئة طيبة للتطور الفكري ولمكافحة الأمراض الفكرية والمجتمعية.

ذكرت مثال التعليم العالي لوضوح المعنى، لكن هذا الوضع قائم في مختلف المؤسسات الأخرى. ترى هذا الوضع في المؤسسات الصحفية، والسلك الدبلوماسي، والمؤسسة العسكرية والمؤسسة الأمنية.

تراه حتى في المجالات الفنية ومنها يمتد إلى الشركات الخاصة..

تلاحظ انتشار الأمراض الفكرية في المؤسسات التي تتبع هذا المنهج، مثل القمع والتعذيب في المؤسسة الأمنية، المدح والإنحياز للسلطة في المؤسسات الصحفية، حتى المجالات الفنية تفتقر إلى الإبداع وتتجه لتقديم ما هو مجرب وتتجه إلى إعادة إستخدام نفس الوجوه والقصص بدلا من المخاطرة بفن جديد غير نمطي. حتى جماعة الإخوان، هي من أكثر الأمثلة وضوحا في الانغلاق المجتمعي، حتى إنهم يتزوجون من داخلهم حرفيا، وأزعم أن هذا من أهم أسباب فشلهم وتخلف فكرهم.

عندما تتفقد أمثال هذه المؤسسات في العالم المتحضر، تراها أدركت هذه المشكلة وتراها وضعت آليات لتفاديها ولتطعيم فكرها بعناصر خارجية سواء من خارج المؤسسة أو حتى من خارج المجال تماما.

أجدادنا أدركوا هذه المشاكل في الزراعة، ومن هنا كان التهجين للحصول على محاصيل أفضل.

عندما تصبغ الحوارات الداخلية في أي مؤسسة بلون التوافق التام وأحادية الفكر، وبطبيعة الأمر تتصاعد نبرة نظرية المؤامرة والخوف من الآخر، غالبا ما يكون السبب هو الفكر المغلق، وغالبا ما يكون في حالة انحدار إذا لم يكن بالفعل قد انحدر بشدة. الحل هو تفعيل آليات لتطعيم الفكر من خارج المؤسسة، وحتى من خارج المجال في بعض الأحيان، ومواجهة نبرة نظريات المؤامرة التي تؤدي إلى الانغلاق الفكري.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top