العزيز إلى قلبي.. أبويا الحاج.. مش متعود مني يا حاج على إني أكتبلك جوابات ومراسلات والكلام ده، بس نعمل إيه.. ما باليد حيلة.
أبويا العزيز، أنا عاوز أفضفضلك في الجواب ده، ويمكن اشتكي شوية وأقولك على حاجات جوايا مبعرفش أقولهالك لما بنقعد مع بعض.. وتقولي سؤالك المُعتاد: \”مالك؟\” أقولك: \”مفيش\”.
عارف يا حاج إني باحقد عليك أنتَ وجيلك كُله! أي والله.. حقد دفين، أيامكم كانت سهلة وبسيطة وسلسلة.. تدخل المدرسة، بعديها الجامعة، وتقعد وتخرج من الجامعة تلاقي جواب بُنى جايلك على البيت بيقولك إنك بقيت موظف في الحتة الفلانية، وتتجوز وتخلف وتدخل ولادك مدرسة حكومة، وتطلع معاش في الآخر وتقعد بالعباية في البلكونة وتفرد رجلك في رضا حقيقي عن الحياة وعن اللي انجزته.
بس يا حاج أنتَ ماتعرفش العيال اللي خلفتهم دول بيحصل فيهم إيه دلوقتي.. إحنا بنتفشخ معنويا وماديا وأي حاجة ليها علاقة بالموضوع ده.. أقولك ليه؟
عارف بيحصل فينا إيه لما بنتخرج يا حاج؟ بنقعد أول حاجة على خازوق من غير فازلين.. خبط لزق كده.. يبقى الواحد خارج من الكلية وتحت باطه ملفه ويستعد كشاب مُشرق ومقبل على الحياة والكفاح، يتاخد في عربية ميكروباص ويطلعوه المطقم يقعدوه على الخازوق وبعد كده يسيبوه ويقولوله ياللا.. كمل حياتك مشي على رجليك.. \”ولو راجل استحمل.. ده لو!\”
الشغل الثابت المريح للأعصاب والمُستقر بالنسبة لينا زي المستحيلات الخمسة.. ده الناس بتقطع بعضها على شغلانة في حكومة ومبتشتغلش.. فاكر يا حاج لما وريتك فيديو الشباب اللي بيقدموا على شغل وواقفين على سلم المصلحة الحكومية والسلم أخدهم ووقع؟!
عارف يعني إيه شاب بيحاول يلاقي فرصة يحس فيها إنه بنى آدم، وإن عمره اللى ضيعه في التعليم أخيرا هيستفاد من وراه.. فجأة السلم يُقع بيه! تقع وسط عشرات من اللي شبهك وجايين زيك فوق بعض.. اللي يموت يموت، واللي يتصاب، واللي نفسه تنكسر.. شوفت الإهانة؟!
أرقام على ورق وخلاص.. عارف الفيديو ده لازق في دماغى لحد دلوقتي.. ما هو ابنك كان ممكن يكون منهم.
فاكر يا أبويا العيال الرخمة اللى كانت معايا في المدرسة، وكان كل همها إنها تخلى حياة باقي الطلبة جحيم وقرف وهم.. العيال دي كبرت دلوقتي وبقت مديرين وأصحاب شركات، وزمايل في الشغل، وكله بيعوض عُقد النقص اللي عنده.
مدير بدل ما يفكر في الشغل.. بيفكر إزاي يرتب كلام يحرق بيه دمك وخلاص، ويبين لك أد إيه هو بيض! \”مرة مدير راح لموظف قاعد بيشتغل قاله: بنتي اللي لسه في بطن مامتها عندها رجولة أكتر منك في الشغل.. وراح سابه ومشي بكل نصر وساب الموظف متنح للشاشة وبيفكر في مليون طريقة لقتله.. بس أكل العيش بقى!\”
صاحب شركة عنده إيمان قاطع بإن مادمت بتشتغل عنده، يعني ينفع يعمل فيك اللي هو عاوزاه.. حسب مزاجه.. يزود شغل عليك.. يزود خصومات عليك.. كل شوية اجتماعات يتكلم فيها عن أد إيه إنه فاشخ المنافسين وإنه الوحيد اللي بيشتغل.. رغم إن الحقيقة هي إنه مابيعملش حاجة غير هلك صوابع إيديه في كاندي كراش!
زميل في الشغل عنده بارانويا طول الوقت.. شايف إن الناس بتتأمر عليه ولازم يوقفها عند حدها ويبدأ في تنفيذ خطط شريرة للتخلص من الباقي.. يخربها ويقعد على تلها.
أقولك إيه كمان؟! عارف الملالييم اللي بناخدها.. وبعيدا عن إن فى مليون حد باصص فيهم.. دول – لامؤاخذة – مايكفوش إنك تنف فيهم.. ومطلوب منى إني البس هدوم كويسة.. أعيش كويس.. اشبرق نفسى كل فترة.. احوش عشان أتجوز!
آه أتجوز.. عشان يطلع ديني في شقة وعفش ومهر وشبكة وفرح وتفاصيل كتيرة.. مش باستفاد منها بأي حاجة غير أول أسبوع، وبعدها…..!
أبويا العزيز.. ماتخفش على ابنك.. مش هايقطع شرايينه، ولا هايولع في نفسه.. هو اتعود.. بس المشكلة وبعدين؟! آخرة ده إيه؟ الواحد بقى حاوي بيتشلقب عشان يفضل عايش كأشباه البني آدمين.. مش بقولك بحقد عليك يا أبويا؟!
مع تحيات.. ابنك العزيز.. اللي نفسه يعيش.