هل ثقافة البوح، وفتح مجال الحوار بشأن كل القضايا بدون أي سقف, أو محاذير – أو اختصارا ما نسميه بثقافة +18- حصن وحائط صد لكل الأورام والأمراض التي تعاني منها المجتمعات التي عاشت زمنا طويلا تحت وطأة القهر والاستبداد؟
ربما السؤال يبدو طويلا ومتسقا مع الحادث في مجتمعنا وحياتنا خلال الأربع سنوات الماضية, من انقلابات سياسية واجتماعية.. لو اجتمعت لساوت عشرات السنين التي قضتها أجيال, منكفئة, على ثقافات بعيدة شكلا وموضوعا عن ثقافة البوح والمكاشفة.
عشرات السنين قضيت وطوت بقسوتها أجيال كثيرة.. عاشت وماتت دون أن يكون لها الخيار حتى في البوح للآخرين، أو لذواتها.
مثالا.. الحادث في مصر ومنذ 25 يناير 2011 لن توفيه عشرات المقالات في الصحف وعشرات الدراسات وآلاف المنشورات في المواقع مهما بلغ صدقها.
ربما نحن بعد أكثر من أربع سنوات .. أكثر فقرا, أكثر ارتجافا, أكثر كآبه.. أٌقل أمنا, لكن أيا منا بالتأكيد تخلص من هذا الحجر الذي يرقد على صدره.. حجر الصمت الذي يرقد على الصدور المكتومة.
ربما الغليان الذي شهدته مصر لم يصنع نموذجه الفريد والمتحقق بعد, وربما قذف بكل الخبث على سطح حياتنا, وربما أسلمنا لأشد الخيارات دناءة في حياتنا السياسية, ولأقسى الأوضاع الاقتصادية الممكنة.
ربما أجبرنا على مواجهة أكثر الأجهزة دموية, وأكثر العقول تطرفا.. لكن لا يستحيل تجاهل عملية الصقل التي تمت داخل أي كائن معني بالحاصل.. لا يمكن تجاهل قدرة الجميع على التنفيس والفضفضة.
أعتقد أن مصطلح +18 هذا يحتوي على مخادعة لا يستهان بها.. ومكر أكبر مما يظهر من بنائه البسيط المكون من علامة + والعدد 18.
المولودون حديثا حين تطبق عليهم +18 سوف يصبحون على مشارف العشرين وسيغدو بإمكانهم أن يصنعوا النموذج الفريد الذي لم يقدر لأجيال +18 الحالية إنجازه.
وكل المجرمين, ومعاونيهم الذين لم ينسوا أن يصبغوا شعورهم ويضعوا المساحيق على وجوههم أمام المحاكمات الهزلية.. وحتى كل من حاكموهم, سوف يكونوا خارج الحياة بعد إضافة علامة + بجوار العدد 18.
وما بين بين.. بوسعه أن يستدفئ بشمس البوح التي زارتنا, أو يلحق بالديناصورات النافقة.