"بعد البداية" و"تحت السيطرة" في الميزان

لست من هواة انتقاد الأعمال الدرامية على اعتبار أنني لست ناقده متخصصة في هذا المجال، لكني سأكتب ملاحظاتي باعتباري مشاهدة لها الحق في تدوين ما شاهدته من وجهة نظرها الخاصة.

لم يحالفني الحظ بمشاهدة كل ما يعرض من أعمال دراميه، أولا لمللي الشديد من كثرة مدة الإعلانات التي تتخلل كل عمل، وخاصة إعلانات التبرعات أو بالأحرى \”الشحاتة\” التي فاقت مدتها مدة العمل الدرامي نفسه، حتى إنه يهيأ لي أنها تحولت لإعلانات تتخللها فقرة مسلسلات.

ثانيا كثرة الأعمال الدرامية حالت بيني وبين متابعتها جميعا، وهو أمر شبه مستحيل.

ومنذ الحلقات الأولى وبعين ثاقبه، استطعت تمييز عملين دراميين في وسط زحمة الأعمال المعروضة.

العمل الأول هو \”بعد البداية\” تأليف عمرو سمير عاطف، وإخراج أحمد خالد، والبطوله الأولى لطارق لطفي، ورغم أنها بطوله أتت متأخرة، فإنه انتهز الفرصة واستغلها أفضل استغلال، فأدى كل مشهد بحرفية بطل محترفا للبطوله منذ زمن، وأعتقد أنه سيكون الحصان الأسود لدراما رمضان هذا العام، وستكون فاتحة خير لبطولات أخرى قادمة.

الفنانه درة أيضا ظهرت بشكل وأداء مختلف عن أدوارها السابقة، وسيكون هذا الدور شهادة ميلاد جديدة لها.

فاروق الفيشاوي وروجينا وحتى خالد سليم الذي جعل المشاهد يكرهه من كثرة إجادته للدور، أدوا أدوارهم بكل إتقان.

والمسلسل يناقش حرية الصحافه ويحكي عن صحافي يفاجأ بخبر وفاته في الصحف، ومن هنا تنطلق احداث المسلسل  المليء بالإثاره والتشويق والبحث عن الحقيقة، كما أنه يتعرض للفساد المستشري داخل أرواقة الصحافه -وبجرأه تحسب لكاتب العمل- بدء من رئيس التحرير الفاسد الذي يتعامل مع جهة سيادية لم يتم الكشف عن هويتها، إلى الصحافي الذي يبيع نفسه مقابل ترقية أو مقابل مادي، كما تطرق في أحداثه إلى أنه مثلما يوجد صحافي شريف، يوجد مقابله آخر فاسد، وكما يوجد ظابط فاسد عدواني يهوى الدم، يقتل بلا أدني ضمير، لا يعمل إلا لمصلحته وما تمليه عليه نفسه المريضه، هناك آخر شريف يعمل لصالح الوطن وإظهار الحقيقه.

لا أستطيع إلا القول إن \”بعد البداية\” عمل جريء ومتكامل، وبداية خير لكل مجموعة العمل، وأجمل ما فيه أنه هرب من آفة المد والتطويل التي اتسمت بها معظم المسلسلات، كما أنه تميز بسرعة الأحداث والمفاجآت المتتالية التي لم يتوقعها المشاهد.

المسلسل الآخر هو \”تحت السيطرة\” لمريم نعوم، التي عودتنا على انتظارها في السنوات الأخيرة، وتامر محسن مخرج العمل الناجح جدا \”بدون ذكر أسماء\”.

\”تحت السيطرة\” لا يناقش فكرة الإدمان فقط، ولم يأتنا بمشاهد تعاطي مباشرة، قد تغري ضعاف النفوس من الشباب صغير السن المتابع للمسلسل وتحثه على التجربة، لكنه تطرق لفكرة التعافي بعد الإدمان وكيف أن المدمن بعد تعافيه من السهل جدا عودته مرة أخرى، ومدى صعوبة الأمر والآثار السلبية لذلك، وفي اعتقادي أنها المرة الأولى التي يتطرق فيها كاتب لهذه الفكرة، حتى إنني شخصيا لم أكن أعلم شيئا عن تلك المسأله قبل مشاهدتي لـ \”تحت السيطرة\”، فقد تعودنا أن نرى المدمن يتعاطى طوال تسع وعشرين حلقة، ثم يأتينا المخرج بخطورة الإدمان في الحلقه الأخيرة، مما يعود للأسف بآثار سلبيه أكثر من الآثار الإيجابية.

إن المسلسل يوجه نظر المجتمع ككل والأسره بشكل خاص، لضرورة التكاتف مع مريض الإدمان، وليس اجتنابه أو الخوف من الاقتراب منه،  إنه توعوي بشكل كبير، ومن الصعب جدا على متابع المسلسل، التعرض لمحاولة التعاطي، وهذا شيء يحسب للكاتبه والمخرج أيضا، الذي استطاع بدوره التطرق لكل تفصيله مكتوبة على الورق وتحويلها إلى أحاسيس مرئية، من خلال ملاحقته بالكاميرا لكل حركة ولمحة ونظره تظهر على وجوه الممثلين، فهو هنا استطاع جذب المشاهد وإجباره على انتظار المشهد تلو المشهد لمحاولة معرفة ماذا بعد.

أما نيللي كريم فهي كما عودتنا في الفترة الأخيرة، تتقدم ببراعة في أدائها الذي لا يختلف عليه اثنان، ولا يقل عنها براعة الممثل أحمد وفيق الذي أدى دور طارق المدمن الذي كلما قرر الامتناع عن التعاطي عاد مرة أخرى.

ولعلني لا أخفيكم سرا، إن قلت إنني من شدة اتقان أحمد وفيق لدور المدمن، كنت للحظات أشك  في إدمانه في الواقع، فنظرات عينيه الزائغتين وحركات جسده والتفاتاته وطريقة كلامه، أوحوا إلي بذلك، مما يوضح أنه لا يمثلن بل إن آداءه كان طبيعيا جدا، ولا أعلم  أين كانت هذه البراعه التمثيليه في أدواره السابقه؟!

أما ظافر العابدين فهو يمثل بكل بساطه ويمكن أن نطلق عليه، السهل ممتنع.. جميله عوض ومحمد فراج، روعة في الآداء، بينما هاني عادل، مجرد وجوده في المشهد يشعر المشاهد بالراحة والطمأنينة.

أرشح هذين العملين لاحتلال المراكز الأولى كأفضل عمل درامي في رمضان، لأنهما من وجهة نظري الأفضل.. كما أرشح طارق لطفي كأفضل ممثل ومعه أحمد وفيق، وأرشح انفراد نيللي كريم بلقب أفضل ممثلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top