باسم شرف يكتب: انتحار كاتب بيست سيلر يوم أن حصل علي 43 لايك فقط

أزمة النشر والمبيعات في مصر معقدة جدا، ونابعة من التكوين العقلي والثقافي والسياسي في المجتمع ومفهوم الوصاية وفرض الذوق الواحد وغياب ضبط المصطلحات.

هناك عدة أسئلة تشغلني في هذه الأزمة: هل المبيعات دالة على جودة العمل؟ وكيف يصل مثل هذا العمل للجمهور رغم رداءة الجودة؟ وهل من حق دور النشر الوصاية علي دور نشر أخرى في اختيار الأعمال؟ وهل من حق أي شخص أن ينشر كتابا طالما يملك نقودا زائدة عن حاجته؟ وما دور القراء في مثل هذه المسألة؟ هل على القارئ عبء الاختيار وأن يسير كيفما اختار له المجموع الثقافي من حوله؟ (بعيدا عن دور الدولة في تنمية وتغذية المجتمع بأعمال واختيارات، الحديث هنا منصب على دور النشر الخاصة).

(1)

كلنا نعلم أن ارتفاع المبيعات ليس دليلا على جودة العمل، لكن هناك عوامل تدخل في عنصر زيادة المبيعات مثل التسويق الجيد للعمل وتقديم العمل بطريقة يستحسنها القراء حديثي العهد بالقراءة، وأيضا تعطش السوق لنوعية معينة من الأعمال واستغلال الفرصة بتقديمها في الوقت الحالي، بغض النظر إذا كان هذا العمل سيعيش فيما بعد أم لا، مثل تسويق \”بوستات\” إليكترونية وقت حدث جم، وصفحات كبيرة تقوم بتسويق \”البوستات\” المناسبة لتوجه الغالبية، فتكون نسبة \”الشير\” كبيرة، لكن ما إن يحدث حدث آخر، حتى ينسى المتلقي هذا \”الشير\”، ويبحث عن \”شير\” آخر ـ عله يجد من يرطب قلبه بكلمات مناسبة.

فالعملية هنا استهلاكية بحتة، تنتهي بانتهاء الحدث بشخوصه وأفراده، إلا القلة التي تبحث عن معلومة مركبة، فتجدها تخزن في ذاكرتها أحداثا لتفك طلاسم حادثة أكبر مثل الباحثين المعنيين بدراسة ظاهرة معينة، إذاً هنا نصل لأن الأعمال الاستهلاكية سوف تأخذ حظا ما أكبر من أعمال زاحفة شيئا فشيئا غير عابئة باستغلال الفرص الآنية وباحثة عن بناء قاعدة جماهرية متزنة، تستطيع أن تعترض على عمل له، لكنها تكمل البحث وراء هذا الكاتب، لكن الأزمة التي يواجها \”كتاب الاستهلاك\” أنه فور اختلاف قارئه معه في رأي سياسي أو رأي ديني سوف يشطبه من قائمته بعمل \”بلوك\” وينتهي الأمر بالقارئ بالبحث عن استهلاك كاتب آخر مناسب لذائقته في هذه اللحظة، وينتحر هذا الكاتب لأن عدد \”اللايكات\” أخذت في النقصان.. وجدت كاتبا مرة يعلق نفسه من البلكون، لأن عدد اللايكات قل عن كل مرة 100 \”لايك\” على صفحة الفيس بوك، فقرر أن يصور نفسه منتحرا حتى يحصل على عدد كبير من \”اللايكات\”، ومات من أجل لايكات أكثر.

(2)

ضبط المصطلحات: هناك غياب تام لضبط المصطلحات في النشر يؤدي لمثل هذا الارتباك. هناك من يصنفون الأعمال بنوعين.. الأدب الرسمي و\”البوب آرت\”، لكن هنا تجد أعمال بوب آرت يصنفونها باعتبارها أدب رسمي.. دعونا نعرف البوب أرت أولا والأدب الرسمي.

\”pop art\”: هو مصطلح ظهر في الخمسينات داخل الفن التشكيلي في انجلترا وسرعان ما انتقل هذا المصطلح إلى باقي الفنون، وهو استخدام الصور الشعبية والتلفزيونية والإعلانية داخل الفنون ونقلها إلى المستهلك أو المتلقي، وفي الأدب هو استخدام الكتابة السريعة المفردة التي لا تحتاج إلي إعمال العقل وإرهاقه في تكوين معلومات مركبة.. يستخدم أصحابها الإثارة والتشويق والرعب والسخرية كي تصلح لقارئ المحطات الطويلة زمنياً، والشواطئ لتهدئة العقل من عناء العمل، أما الأدب الرسمي فيعرفونه بأنه هو العملية المعقدة في الإبداع بكل ما فيها من بنية أدبية ولغة منتقاة وتخيلات مختارة بعناية الجواهرجي.

في البداية يجب أن اعترف أن كل الأنواع لها من يقرأها، ولكل نوع احترامه ولست مع التنصيف الطبقي للأعمال، لكل عمل هدف يحدده كاتبه ويعلم من هو القارئ الذي يتوجه إليه.. المشكلة هنا أن بعض الكتاب يكتبون أدبا رسميا وذهنيا يتوجه لشريحة معينة من القراء، ويطلب من باقي القراء الاهتمام.. أنت لم تقدم لهم هذا العمل، وهذا ليس عيبا فيك. لكن طبيعة الأعمال كما المنتجات، لكل منتج زبونه. هناك أعمال عظيمة لم تلق رواجا بين صفوف الجمهور العادي أو قارئ الصدفة، وهذا لا يقلل منها. هناك فئة من القراء تائهة لا تعلم ماذا تقرأ.. تشتري الكتاب الذي تسمع عنه, ولا تجد في منزله سوى كتاب فقه السنة وكتب خالد محمد خالد والشعراوي وكيف تكون زوجا سعيدا.. إلخ, وتعرف على الأخلاق من عمرو خالد ومعز مسعود، فاختار الكتاب طبقا للمعيار الأخلاقي والكتاب غير الأخلاقي يقرأه في السر، فلن يعرف هذا القارئ كيف يختار وحده كتابا.. يجب أن يجد الدليل.. هنا عنصر التسويق له عامل كبير، خصوصا في مثل هذه الفترة الاستهلاكية، لكن مع الحفاظ على قيمة الأعمال وليس التسويق بشكل رخيص يقلل من قيمة الكاتب.

.ملحوظات:

– هناك كتاب يكتبون (استيتس) لا يحصل على عدد لايكات مناسبة، فيقوم بمسحه.. تانترارارن تن تن (خليل كوميدي ستايل)

– هناك كتاب يتحدثون عن عدد اللايكات أكثر من عدد الكتب التي يقرأونها.

– هناك قراء لا يفضلون الكتابة المحكمة المتزنة التي تقدم لهم ويفضلون الاستيتس الذي لا يزيد عن 17 كلمة.. والحجة (لسة هقرا؟)

– فترة المدونات أفضل بكثير في العناية بالكتابة والقراءة رغم الزيادات في المتواصلين على الفيس بوك (ساعات الزيادة بتعمل كرش.. ومش كل زيادة بتبقى كويسة).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top