يقال إن أصعب عمل يقوم به الشخص في حياته هو أن يكون أبا أو أمّا.
ربّما يكون هذا الشعور هو ما يحدث عند بعض الناس حتما خلال سنوات المراهقة التي يمر بها أبناؤهم.
سلوك المراهقة:
ربّما يكون سلوك المراهقين محيّرا، ومجهدا، ومؤذيا، ومثيرا للقلق في كثير من الأحيان.
ولكنّ هذا لا يعني، في معظم الحالات، أن هناك شيئا خطيرا يحدث لدى الطفل أكثر من كونه مجرّد عملية طبيعية ليصبح بعدها الطفل بالغا.
إن العديد من المسائل السلوكية الشائعة، التي يستصعبها الآباء، هي جزء أساسي من مرحلة البلوغ والنمو.
وتظهر علامات المراهقة عادة ما بين 12: 15 عاما، وهناك مرحلة أخرى للمراهقة تكون ما بين 15: 18 عاما.
إنّ اندفاع الهرمونات بقوّة، بالاشتراك مع التغيّرات التي تطرأ على الجسم، والسعي الحثيث للبحث عن الذات، والضغوط من الأصدقاء، والشعور المتنامي بالاستقلالية، كل ذلك يعني أن سنوات المراهقة هي وقت مربك بالنسبة للأطفال.
وقد يعني أنّهم يصبحون -على سبيل المثال- منعزلين، أو يريدون مزيدا من الوقت للبقاء وحدهم أو مع أصدقائهم، أو يشعرون بأنه يساء فهمهم، أو يرفضون محاولات الوالدين للتحدّث إليهم أو إظهار المودّة لهم، أو يظهرون غاضبين ومتقلّبي المزاج.
هذه التغيّرات في الشخصية قد تكون طبيعية، ولكن هذا لا يعني أن الإنسان –لكونه أبا أو أما– لا يتأثّر ويشعر بالقلق من تصرّفاتهم.
مشاعر الوالدين تجاه سلوك المراهقين:
يمكن للمراهقين أن يستثيروا حتّى أكثر الأبوين هدوءا. عندما يكون الوالدان مثقلين بأعباء إضافية في حياتهما، كأن يكون لهما أطفال آخرون مثلا، مع وجود ضغوط في العمل، والعلاقات مع الناس، والالتزامات العائلية، والمرض، كل ذلك قد يضفي على الأبوين شعورا كما لو أن ابنهما المراهق هذا سيدفعهما إلى حافة الهاوية.
لا بد من محاولة العودة عن هذه الحالة، والتّذكر بأن هؤلاء المراهقين لديهم أسباب فيزيولوجية وراء تصرّفهم بأساليب يصعب جدا تحمّلها، وربّما يتضايقون منها أيضا؛ فالوالدان هما الشخصان البالغان اللذان تقع على عاتقهما مسؤولية توجيه أبنائهم المراهقين في أثناء تلك المرحلة الصعبة.
ينبغي ألاّ يتوقّع الوالدان أنّهما سيستمتعان بقضاء الوقت مع أبنائهم المراهقين دائما، ولكن ينبغي أن يعتنيا بنفسيهما أيضا.
إذا شعر الأبوان بالرفض من قبل ابنهما المراهق وتحفّظه تجاههما، فعليهما أن يتذكّرا أن تشكيل صداقات قوية خارج نطاق الأسرة هو جزء مهم من التربية والنضج.
ويجب محاولة عدم إظهار الغضب أمامهم؛ واللجوء إلى الأصدقاء أو أفراد الأسرة الآخرين لطلب الدعم منهم عندما يكون الأمر صعبا عليهما.
كيف ينبغي التصرّف مع المراهق؟
التصرف كقدوة:
\”ربّما يكون المراهق عاطفيا إلى حد كبير أكثر من أن يكون منطقيا، وذلك بسبب الهرمونات الهائجة في جسمه، والتي لا تكون لطيفة –بالضرورة– بالنسبة له، وقد تشعره بالرّهبة.
على الرغم من صعوبة الأمر على الوالدين، إلاّ أنّه يستلزم من الوالدين الحفاظ على الهدوء.
الوالدان هما القدوة لأبنائهم المراهقين:
إذا رأى المراهق والديه يدخّنان أو يشربان الكحول أو يتعاطيان المخدّرات، فإنّه سوف ينظر إلى ذلك على أنّه ضوء أخضر لفعل الشيء نفسه؛ ولن يستمع إليهما إذا طلبا منه الإقلاع عن ذلك.
الحكمة والهدوء في التصرف
عند الشعور بالقلق من سلوكيات الأبناء المراهقين حول الأمور التي تتعلّق بالجنس، يجب على الوالدين السعي نحو تربية هؤلاء الأبناء وتعليمهم من خلال اطلاعهم على الحقائق بطريقة بسيطة ومناسبة وأخلاقية.
ويجري ذلك من خلال كتاب أو موقع إنترنت رصين، مع التأكّد من أنّهم يعرفون المخاطر والكيفية التي يحصّنون بها أنفسهم. وليس هناك أفضل من التوجيه القائم على الإرشاد الديني السليم.
تخصيص الوقت والتواصل الفعال:
تخصيص وقت يمضيه الأبناء المراهقون مع آبائهم وأمّهاتهم، والتحدّث إليهم كما لو أنّه حقّ لهم؛ والتأكّد من الإنصات إليهم باهتمام عندما يريدون التحدّث مع الوالدين.
فلا تستمع الى ابنك وأنت مشغول في تليفونك أو متعجل للخروج أو متحفز لنقده مستهترا بما سوف يقوله لك، لتتحول الجلسة لمزيد من الأوامر والانتقادات والصراخ.
إن الوصول إلى علاقة جدية مع الابن المراهق يلزم من الأب والأم الانفتاح مع المراهق أو المراهقة وفهم لغته وعالمه الخاص مع خلق فرص للحوار الفعال، مثل أن يعزم الأب ابنه والأم ابنتها على عشاء لذيذ في سطح المنزل أو حديقة المنزل على سبيل المثال، أو أخذ الشاي إلى غرفة المراهق الخاصة، يملأ ذلك المجلس القصص والطرائف، فلابد أن تكون علاقتنا مع الإيجابيات لا مع السلبيات فقط.
احترام خصوصية المراهق:
السماح للمراهقين بالحصول على عالمهم الخاص بهم، وعلى خصوصيتهم المستقلّة دون التطفل عليه أو جعله يشعر أنه مراقب أو أن هناك من يعبث في متعلقاته حتى لا يشعر بعدم الثقة والأمان ويلجأ للحفاظ على تلك الخصوصية بالكذب والانعزال.
إظهار الحب لهم:
حتّى ولو كانوا لا يبدون استجابة لما يقدّمه الوالدان من حبّ وحنان، فإنّهم يبقون بحاجة إلى معرفة أنّهم محبوبون من قبل والديهم. وأنهم مصدر فخر وسعادة إليهم خاصة امام الأهل والأصدقاء مع تجنب التركيز على عيوبهم وسلبياتهم أمام الآخرين في حضورهم.
المشاركة والمسئولية:
أخذ رأيه في بعض القرارات الهامة ومنحه بعض المسئوليات الخاصة بالبيت مع خلق مواقف إيجابية مشتركة معه سوف يمنحه مزيدا من الثقة في نفسه مع القدرة على اتخاذ القرار السليم.
أيضا علينا توجيه المراهق نحو الحياة بتركيز وحذر مع إعطائه مجال لينفتح ويتعلم، لا ليكون تحركه (بريموت كنترول) مثل الطيار عند تعلمه قيادة الطائرة، فإنه يُدرب على طائرة على الأرض ثم طائرة صغيرة، وهكذا يتدرج حتى يصبح ماهرا.