فجأة جاء رد فعلي كرد فعل هاني رمزي فى مسرحية \”كده أوكيه\” على أحمد السقا عندما كان ينصحه بشراء مجلة \”ما تزوقينى يا ماما\” وجملته منفعلًا على حادث نقل مكان كبد الإنسان! مين اللى نقل مكان الكبد؟ اللي ماسكين الكبد. اللى ماسكين الكبد؟ يا ساتر على ماسكين دول!
كل يوم تنهال علينا مقالات واقتباسات وبوستات نصائح لكل الناس، ومن كل الناس! حتى وإن كانت من متخصصين وعلماء مين قال إنها إنها تنفعك أنت بالذات!
أكثرها دائما وأبدًا نصائح العلاقات الشخصية والعاطفية بين الناس، مثال إنك تشوف فيما معناه، اكرف اللى يكرفك وبعدها باقتباسين تلاتة، لاء خليك متسامح، كمان يومين تلاتة لا إنت غلطان وهكذا وهكذا. هو مين اللي عارف قصتك وهو مين اللى بيرمي فى وشنا نصايح يا ساتر ع اللى عارفين دول! مين اللى عارفين دول؟ وإيه الحل فى المشكلة دي؟
الحل أنه كل حالة لها تاريخ وظروف ووصف لطبيعتها ماتنفعش أبدًا تتطبق عليها أي جملة قابلتها بالصدفة. وأنت كشخص كيان بتفاصيله ينفعه نصيحة معينة وماتنفعوش نصائح أخرى. وللأسف ناس كتير ومنهم على قدر وعي لا بأس به أبدًا، بينفذوا كلام غلط فى وقت غلط بسبب كروت النصائح اللى بتنزل على دماغهم صبح وبليل، وأوقات كتير وسط سيل الضغوط بتبقي النفسيات هشه والكلام بيأثر. حتى نصائح سافر لوحدك عشان دي التجربة الفريدة، وعشان تتعلم وتعرف، تناسب شخص وآخر لا، لأنه إنطوائي مثلًا، لو سافر لوحده كأنك رميته فى النار! فتفضل عامل ضغط مستمر عليه وكأنه أذنب فى حق نفسه. ومنها أكيد النصائح الطبية والوصفات اللى ناس بتاخدها وتنفذها، والمشكلة لو نفعت مع حالة وكتبت إنها عظيمة، ممكن تبقى مش عظيمة أبدًا لحالة تانية!
أي شخص لما يمرض بيروح للطبيب فيوصف له الوصفة اللى تناسب مرضه، كمان كل حاجة بنقراها ماتنفعش لأي حد مهما كانت منطقية وعقلانية ومتزنة. كل شخص حالة فريدة، يناسبها نظام خاص بها، عشان يعمل على اتزانها، مع مراعاة حقها إذا كانت ترغب فى الاتزان من عدمه!
ولأننا جيل مصدوم فى كل حاجة عارفها، بيحاول يعرف كل حاجة لوحده، كتير بنختار سكك غلط. وده لإننا معرفناش نتعرف على نفسنا ودي أول خطوة. أنا مين؟ وهنا ليه؟ ومحتاج إيه؟ نوع شخصيتي يناسبها إيه وماينسبهاش إيه؟ مشاعري وأفكاري إيه اللي يخليهم يتفقوا؟ وإجابة كل سؤال من دول معركة ورحلة مرهقة وشاقة وطويلة ومحدش ينفع يدخلها ويكسبها غيرك إنت تحديدًا، وأهم حاجة فى الرحلة دي أنه يكون آخر همك الناس اللى طول الوقت حاطين قوانينهم وكأنهم آلهة والمختلف عنهم فى النار، دي ناس فشلت فى أول معركة مع نفسهم علشان يتعرفوا عليها، واختارو يتفرجوا ويحاكموا اللى حواليهم وبس!
والمقياس فى نجاحك فى الرحلة دي هو تطور شخصيتك حتى لو كان التطور ده حاجة إنت بس اللى حاسسها وعارفها. لما تكون إنت لوحدك عارف إنك اتغيرت مابتحاولش تثبتها لأحد علشان حاجة. مرحلة النضج والوعي الحقيقيين مرحلة بتوصلها لوحدك، علشان تكون نفسك كما يجب أن تكون وتعيش متصالح معها ومنها بتكون متصالح مع مشكلاتك وحياتك وبتختار اللي يناسبك، تعرفه من ناس وأماكن وشغل وعلاقات علشان يستمر تصالحك مع نفسك، ومن ثم مع كل حاجة متصل بها فى حياتك!