إلى متى سنظل نعيش وسط مجتمع، المرأة فيه بالنسبة للرجل مجرد جسد وشهوة، لا أحد يتعامل معها على أنها إنسان مثلها مثله، عقل وفكر وروح، ولها نفس الكفاءه التي له وربما أكثر؟ إلى متى ستظل المرأة تعيش وفي داخلها شعور أنها جنس أقل، وليس لها نفس الحقوق التي للرجل، وذلك لأن مجتمعها يحمل هذه المعتقدات ولا يسمح بغيرها؟ إلى متى ستظل تعيش مقيدة ومحرومة من حريتها، لأن الجنس الآخر قاصر الفكر، ضيق الأفق، لا يرى فيها إلا إشباعا لرغباته.
المرأه ليست صورة في برواز، وليست مجرد جسد يشتهيه الرجل. لكن للأسف هذا الفكر مترسخ في عقولهم، يتعاملون معها من هذا المنطلق. في العمل والشارع، حتى على شبكات التواصل، لا يحق للمرأه أن تضع صورتها مثلا وهي بكامل حريتها وإلا ذاقت الويل، وستنال من التفكير السيء تجاهها، ربما ما يجعلها تكره كونها أنثى، وطالما سمحت لنفسها بفعل ذلك، فعليها تحمل \”قلة أدب\” البعض، ومحاولة مغازلة البعض الآخر، على اعتبار أنها متاحة ومباحة للجميع.
حتى إعلامنا العربي، يساعد في ترويج هذا الفكر بعرضه أعمال سينمائيه وتلفزيونيه تسيئ إليها، بحجة نقل الواقع.
الواقع لا يجعلك ككاتب تجعل المرأة محاصرة في أدوار الخائنة، القاتلة، العاهرة، الفاشلة، السطحية، المقهورة، ولا يجعلك تركز على نماذج سلبية وتتجاهل النماذج الإيجابيه.. ليس المطلوب أن يقدمها العمل الدرامي كملاك أو شيطان، لكن المطلوب أن يحكي الواقع.
نظرة بسيطه مثلا إلى شكل المرأة في شخصيات مسلسلات رمضان النسائية، سنوقن تماما أننا لسنا بعيدين عن هذا الفكر، فلم نر ولو مسلسل واحد يعطي للمرأه حقها في توضيح صورتها الجميلة وحقها في الحياة، مثلها مثل الرجل.
إذا بدأنا بمسلسل \”حواري بوخاريست\”، سنجد الشخصيات النسائية فيه، إما امرأة داعرة تبيع جسدها من أجل الوصول إلى حلمها، أو تاجرة مخدرات تعيش في الحرام، أو قوادة ساقطة، لم نجد شخصية نسائية واحدة في المسلسل تمثل صورة ناجحة للمرأة.
مسلسل \”تحت السيطرة\” أيضا، رغم نجاحه الكبير، إلا أنه لم يأتينا بصورة معقولة عن المرأة، أتانا بها، مدمنة، كاذبة، فاشلة، ضعيفة، حتى ولو تم تغيير الصورة في النهاية، لكن الصورة الأساسيه التي تم ترويجها طوال المسلسل، أعطت للمشاهد إنطباعا سلبيا عنها، وكان من الممكن إضافه شخصية نسائية سوية بجوار هؤلاء اللاواتي ظهرن في الأحداث، كنوع من العدالة أو الواقعية.
مسلسل \”الكارثة\”، رغم أنه قدم لنا صورة ناجحة للمرأة العامله التي اجتهدت وبدأت من الصفر، فإنه لم يكمل هذه الصورة الإيجابية، وأظهرها كأم فاشلة، فشلت في تربية ابنها الوحيد إلى أن أوصله فشلها إلى تحوله لقاتل.
حتى مسلسلي، \”طريقي\” و\”بعد البداية\”، كانت المرأة فيهما إما ضعيفة مغلوبة على أمرها، أو وصولية. ومسلسل \”يا أنا يا أنتي\”، يكفي أن أقول أن بطلتا العمل، نصابتان!
لم نجد ولو شخصية نسائية واحدة في أعمال رمضان الدرامية -باعتبارها الأعمال التي عرضت قريبا- تتعامل مع المرأة كعقل وليس كجسد، تتعامل معها على أنها من الممكن أن تكون شخصا أنجح من الرجل وأميز منه تعليما وإدارة، وهذا إن دل على شيء، دل على أن المجتمع ككل يتعامل معها على أنها درجة ثانية وليس من حقها أن ترقى لمرتبة الرجال.
المرأه يا سادة، ليست جسدا لتعتلوه، ولا مجرد شهوة تشتهونها، المرأة هي من وهبتكم الحياة، سواء أما كانت أو زوجه وحبيبة أو حتى صديقة وزميلة.. المرأة، سكن ووطن، عطاء بلا توقف، صبر بلا ملل، مخلوق رقيق وليس معنى ذلك أنها ضعيفة وسهلة، فكيف لا ترون منها إلا جسدا يشبع رغباتكم. وعقلا تريدون التحكم فيه؟!