إسراء عادل تكتب: سيدتى العبيطة

اعتذر عن استخدامى لكلمة \”العبيطة\”، لكنى لم اجد لفظا أدق في المعنى لوصف العبط سوى \”العبط\”!

\”المرأة\”، ذلك الكائن المستهدف دائما من قبل معظم المنتجين وأصحاب الشركات خاصة التجميلية، لعلمهم جيدا ضعفها أمام كل منتج ذي ماركة مشهورة في سبيل جذب الانتباه، والأمر لا يقتصر على الشركات المنتجة لمستحضرات التجميل فقط، بل أيضا الملابس والأحذية والعطور.

مظهر الأنثى الخارجي هو ما تسعى جاهدة لجعله على أعلى مستوى, والبحث عن الجمال هو أمر فطري لدى النساء، ولأن معايير التقييم أصبحت مرتبطة بالملبس, والحذاء, والحقيبة, وساعة اليد، فصاحبة المظهر البراق تلقى كل الترحيب من أي مجتمع تدخله، حتى لو كان عقلها فارغا!

الناس يحكمون على بعضهم من خلال مظهرهم، ولو امتلكت المرأة ذكاء أجاثا كريستي وشخصية أنجيلينا جولي وروح جوليا روبرتس مجتمعين معا وكانت ملابسها دون المستوى المطلوب -في نظرهم- فهي ليست أكثر من امرأة عادية.

ومجرد شعور أي امرأة بالنبذ الاجتماعي يضطرها ذلك لتغيير جلدها، فقط لتنال شهادة الرضا من المحيطين بها، فمثلا قديما كانت السمنة هي مقياس الجمال, وسمة من سمات الثراء، وبرغم تأثيرها السلبي على الصحة، إلا أنها ظلت معنى للجمال، حتى ظهرت النحافة وسيطرت على العقول.

بدأت موضة النحافة في أواخر الخمسينيات عندما تألقت \”أوردي هيبورن\” في صورة المرأة الرشيقة، ثم جاءت فترة الستينيات لتظهر عارضات الأزياء بقوام نحيف, اضافت بعدا جديدا لمفهوم الأناقة.

ومع هوس النحافة ظهر مرض \”البوليميا\”، والذي كانت الأميرة \”ديانا\” مصابة به, وفيه يصاب الإنسان بالشره، فيأكل كميات كبيرة من الطعام، ثم يتقيأ كل ما أكله بسبب خوفه الدفين من السمنة.

وبالطبع دخلت الشركات التجارية في السباق بحثا عن الربح، فبدأت بانتاج العقاقير التي تهدف لحرق الدهون، والتى أيضا تؤدي لأضرار بالغة خاصة بوظائف الكبد والكلى، مما قد يتسبب في فشل كلوى.

أما في الفترة الأخيرة، فقد بدأت النساء في البحث عما يجعل أجسامهن منحوته، حيث اصبح \”الكيرفي\” هو الموضة الحديثة بدلا من موضة الجسم النحيف، والمتمثل في جسم \”كيم   كيرداشيان\”.

وقال أحد أخصائي التخسيس وعمليات التجميل إن الجسم الكيرفي يحتاج أحيانا لعمليات تجميل، إذا كان جسم المرأة لا يمتلك المواصفات التي تجعله منحوتا، بحيث يكون الوسط أصغر منطقة، بينما تكون منطقة الأرداف هي الأعرض في الجسم.

ولذلك ظهرت \”مشدات الجسم\” المصنوعة من الخامات المعدنية, والتي تضغط على جسد المرأة لتساعد في نحته ليظهر بالشكل المطلوب، مما يشكل خطرا على الأعضاء الداخلية للجسم  التي ارغمت على التكيف مع وضع غير طبيعي.

ومع خطورة تلك المنتجات إلا أن هناك خطرا أكبر وأفظع متمثل في \”عمليات التجميل\”، فقد صرحت الإحصائيات الأخيرة بأن عدد الخاضعين لعمليات التجميل أكثرهن من النساء، حيث وصل عدد اللاتي يجرين عمليات التجميل إلى أكثر من 20 مليون سيدة بنسبة تصل لـ 90% من إجمالي الذين يجرون تلك العمليات على مستوى العالم!

ومن أكثر العمليات التي تقبل على إجرائها النساء شد الوجه بالبوتوكس لإخفاء التجاعيد, تليها شفط الدهون ونحت وتكبير الشفاة وتجميل الأنف.

والجدير بالذكر أن \”البوتوكس\”  الذي يحتل المركز الأول عالميا في عمليات التجميل يحتوى على مادة \”  Botulinum \”  وهي مادة سامة, يقوم البوتوكس بشلّ عضلات الوجه ليعطي مظهرا ناعما للبشرة بلا تجاعيد، واختفاء التجاعيد يعني امتناع الجلد عن الحركة، ومع أن التجاعيد تختفي في المنطقة التي تم حقنها، إلا أنها تظهر في مناطق أخرى، بجانب أنه قد يسبب تشوهات في الجلد بسبب ضعف العضلات.

لقد اصبحت الجراحات التجميلية سوقا رائجا حول العالم، يتهافت عليه ناشدات الكمال، فاصبحت تعطينا ثقافة الإنسان الاستهلاكي, الذي لا يملك شخصيته الخاصة.

حتى دور الأزياء العالمية لا تترك لنا فرصة اختيار موديل أو شكل للملابس لكي تتميز كل أنثى عن غيرها، بل حتى خيالنا أصبح محتكرا ومحصورا في نماذج معينة يتم الترويج لها، فنضعف أمامها ونفقد رغبتنا في إطلاق العنان لخيالنا وللمسة كل منا المختلفة عن سائر النساء.

شئ يشبه السجن الكبير.. نتحرك بداخله دون أن نراه حسب صيحات الموضة كل سنة.

اليوم البوتوكس والتاتو هما مقياس الجمال الأول لدى النساء، ولذلك صرن كلهن متشابهات.. كلهن نسخ من بعضهن.. كلهن دمى تحركها الموضة وشركات التجميل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top