أن يحلم الكاتب بأن يكون له عدد كبير من المعجبين بكتابته أمر طبيعي، ولكن أن يتحول اهتمامه بأمر متباعينه إلى هوس، هذا هو غير الطبيعي على الاطلاق! تزداد الأمور سوءا بقيام البعض بسرقة كتابات بعينها من كُتاب آخرين أقل شهرة، حتى لا يقل نور تلك الهالة المُحيطة بهم من المُعجبين ويخسرون شهرتهم الزائفة.
أقص على صديق ملاحظتي عن سرقة أحد الكتاب الفيسبوكيين الذين حققوا شُهرة مؤخرا، كلمات من صفحة للسكرين شوت، أحكي له غاضبة غير مُصدقة هذا الهراء، لأجده بارد التعابير ورد الفعل، يستمع لي بمنتهى الهدوء ويتعجب في الحقيقة انفعالي حاكيا لي مهازل من نوعية أخرى عن صديق له قام بدعوة كاتب معروف بالسوشيال ميديا على عزومة فخمة على الغذاء مُقابل أن يقوم بتشيير -إن جاز التعبير- بعض كتاباته للفت نظر متابعينه، حتى يقوموا بمتابعته هو الآخر! بل أتحفني عندما حكى لي أن البعض يدفعون الأموال لمن لهم مُتابعين كُثر كي يقتبسوا من بروفايلاتهم ما لذ وطاب للجمهور الذي يتابع ولا يعرف ما يدور وراء الكواليس!
صدمتي كانت في كاتب يتحدث ليلا ونهارا على بروفايله عن كم هذا الزمن صعب، وعن الأخلاقيات التي تنحدر حتى أصبح الاغتراب ينهش في روحه، لأكتشف أنه من جماعة مُدعي الفضيلة الذين يعلنون تضامنهم مع الأخلاق في العلن، ويقومون بسرقة بوستات آخرين في السر، ولأن هؤلاء المساكين على قائمة المبدعين المهمشين لا يمتلكون مُتابعين يهللون ويصفقون ويدافعون عنهم، لا يلتفت لكلامهم أحد، ولا يستحي أخينا كي يوقف هذه المهزلة وسرقته لأفكار الغير، بل يستمر في فقع مرارتنا بحديثه عن أن الناس أصبحوا كالوحوش ومازالوا مبيرحموش!
لن أنسى أيضا كاتب السوشيال ميديا المعروف الذي عندما كُشف أمر سرقته لكلمات الغير، لم يعتذر لجمهوره، ولم يحاول قول إن هذا لن يتكرر مُجددا وأن ما حدث كان لحظة شيطان لا يعرف حقوق الملكية الفكرية، ولكن قال فيما معناه بمنتهى البجاحة: أنني هنا لأسعدكم يا معشر قومي لأمزجكم وأجعلكم تنبهرون، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ كيف لكم بانتقادي من الأساس؟!
كاد الأخ أن يقول كيف لكم بالهجوم علي؟ أنا ربكم الأعلى.. أنا فرعون الذي صنعتموه.. أنا مهرجكم الذي يبهركم كل مساء ببوستاته لكي تنفرج أساريركم.. أيكون هذا جزائي؟!
ألف لفة في بروفيلات هؤلاء المدعين وأضحك كثيرا واتساءل: هل لابد أن أتعاطف مع هؤلاء المخدوعين من مُتابعيهم؟ كيف أصبح للسوشيال ميديا هذا التأثير المجنون على الناس؟ كيف جعلت من كثيرين يحملون بارنويا بهذا الشكل هذه الشهرة، دون أن يقدموا محتوى حقيقيا لمستوى كتابة محترم؟! في حين يُهمش من يمتلك موهبة حقيقة، مقابل من لهم دائما متابعون يهللون وينفخون فيهم كالبالونة حتى ينفجرون-في النهاية- في وجوه بعضهم مع أول غلطة، وينصبون لهم المحاكم بعدما صنعوهم، وينقلب السحر على الساحر وتكون هذه النهاية المتوقعة العادلة ( لعُبَّاد اللايك) الذين صنعتهم السوشيال ميديا وهدتهم أيضا جزاء ما ادعوا الفضيلة والمثالية، وأكلوا متابعيهم الوهم بالملعقة!