إبراهيم عبد المجيد يكتب: كلما تأخر الوقت.. أظلمت

شهد رمضان هذا العام أحداثا فاقت الخيال، على رأسها تسريب امتحانات الثانوية العامة، وطعن الجهات الحاكمة وغير الحاكمة مثل مجلس الشعب على حكم المحكمة الإدراية بإيقاف التنازل أو بيع جزيرتي تيران وصنافير باعتبارهما مصريتان.

ولو مددت الخيط أكثر، ستجد أشياء كثيرة أخرى، على رأسها الترحيل المهين للإعلامية الكبيرة ليليان داوود دون أن يسأل أحد نفسه حتى بعيدا عن ليليان داوود، كيف تسيء هذه الدولة إلى نفسها إلى هذا الحد؟!

أما الجديد في الهزل القاتل من قبل الدولة، فهو ما جرى في امتحانات الثانوية العامة.

لكن في النهاية، ما لا ينسى أن رمضان هذا العام أقبل، وكاد ينتهي، وآلاف من الأسر والعائلات بدون أبنائها الذين تحتويهم عنابر السجون الإنفرادية، مثل مالك عدلي وأحمد دومة وغيرهما، وعنابر السجون الجماعية، والكل كان ينتظر أن يكون في رمضان فسحة من الأمل.

مالك عدلي المتهم بترويج إشاعات عن ملكية مصر لتيران وصنافير، تقر المحكمة بملكية مصر لهما، لكن المحكمة طبعا لا تُتهم بترويج الإشاعات.

يمكن الطعن عليها من رب البيت، لكن لا يمكن الرد على مالك عدلي، والإكتفاء بالرد عليه في قول لم يكن فيه منفردا، ولن يكون مهما كانت نتيجة الحكم.

أما أحمد دومة الذي يكاد يشمله النسيان، فيكون من الجميل أن لا ينساه أحد، ويتقدم كثير من المثقفين الكبار مثل بهاء طاهر والدكتور محمد غنيم ومعصوم مرزوق وطارق نجيدة وخالد يوسف وممدوح حمزة ومنال عمر وسليمان شفيق وكارم محمود ونور فرحات ومصطفي إبراهيم وإبراهيم منصور وأحمد عيد وليلي يوسف صديق وجورج إسحق وعبد الجليل الشرنوبي، وغيرهم من مختلف الأعمال والأعمار، فلقد كان من نصيب أحمد دومة أكبر عدد من سنوات السجن.. هو الذي كان من أكثر النشطاء حبا للوطن وللعروبة وللمستقبل!

لقد تقدم هؤلاء المثقفون المحترمون -وأنا بينهم- بعريضة مناشدة للسيد رئيس الجمهورية للافراج عن أحمد دومة، وأنا اضيف إليها طلبي القديم الذي لا أكف عنه، وهو أن ظهير أي حاكم أو نظام سياسي في مصر -إذا كان ينظر إلى المستقبل- فهم صناعه من شباب يناير، مهما كانت انتقاداتهم للحاكم أو النظام، لأنهم لم يثبت حتى الآن أن أحدا منهم زاحم أو قاتل للفوز بوزارة أو محافظة أو هيئة.

اختاروا الشارع من البداية، وأن يكونوا ضميرا وراء مطلب العيش والحرية والعدالة الإجتماعية.. هكذا كانت الأسماء المعروفة مثل علاء عبد الفتاح وأحمد ماهر ومحمد عادل وأحمد دومة ومالك عدلي وماهينور المصري ولؤي قهوجي ويوسف شعبان، وعشرات غيرهم من المعروفين، لا يتسع لهم المقال، ومئات وآلاف غير معروفين، لكنهم اختاروا المستقبل حين هتفوا ضد الحاضر.

هؤلاء أو غيرهم، أخذوا أحكاما، أم لازالوا تحت الحبس الاحتياطي الأشد وطأة من الحبس بالحكم، لأنه يفتح باب الأمل ولا أمل.

البشر ليسوا بضائع توضع في ديب فريزر حتى تأتي الحاجة لإخراجها، ويا ليته ديب فيرزر، لكنها أفران لا تختلف عن أفران النازية، إلا في الموت البطيء من النار والحر، وهو أشد عذابا وألما لو تعلمون.

يحدث هذا كله من أجل ماذا! مشروعات طويلة الأجل تريدونها في صمت لا يجب أن يضيع من أجلها أجيال، فمحطات الكهربا الجديدة مثلا مش زعلانة من حد منهم، ولا قناة السويس الجديدة كمان، ولا فيه حد سمع القناة بتعيط بالليل مثلا من عمايلهم؟!

استهداف من الخارج لا يجب أن يضيع بسببه أبناء الوطن في الداخل.. شراء أسلحة لتكون مصر على قدم المساواة مع إسرائيل يوما ما، لم يمنع أحد من شرائها أو يعترض، رغم أن بين مصر وإسرائيل اتفاقيات سلام.

ماحدش يكره أن مصر تبقى قوية، لكن ليس على ابنائها.. متي يعرف هذا النظام أن شباب الوطن هم الوطن؟!

أراد أم لم يرد، سنذهب نحن جميعا -الكبار- وسيملأون هم الفضاء.. هل من يوم يرى فيه الآلاف النور، لتضيء البلاد؟

كلما تأخر الوقت، أظلمت لو تعلمون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top