كسلسلة الكاتب الشهير أحمد خالد توفيق “ما وراء الطبيعة”، والتي تتعرض لأساطير تتجاوز الواقع، نتحدث يوميا عن مفاهيم خاصة بتسامح وتقبل الشعب المصري للآخر، وهي ظواهر تتجاوز حاليا أسطورة النداهة بعدا عن الواقع.. تصطدم تلك المفاهيم سنويا بحادث جديد يضرب الفكرة في مقتل.. بداية من تعاملنا مع أزمة اللاجئين السودانيين.. مرورا بأزمتنا مع الجزائر ما بعد مباراة الكرة الشهيرة، إلى الطوائف والاقليات كاليهود والشيعة والبهائيين، وقريباً ربما نشهد حملات موجهة ضد من لا يفطرون الفول صباحاً باعتبارهم أعداء للوطنية المصرية.
الأسوأ من ذلك هو الدور الذي تلعبه الفنون، وخاصة السينما وصناعة المسلسلات في ترسيخ تلك المفاهيم.. اعتدنا في العالم كله أن تتم السخرية من جماعات معينة، بل وأحيانا من أناس ينتمون لتلك الطائفة، بناءا على مواقف تعتمد على خفة الظل، ولكن الوضع يتجاوز ذلك -فقط في عالمنا- من تتفيه جماعات بشرية معينة بناءا على لون بشرتهمن أو التعامل معهم كبشر أقل تطورا، ويكاد يكون نصيب الأسد في أعمالنا للأفلام التي تتعرض لافريقيا السوداء، أو للسود عموما، فعادة ما تصبح فتاة سوداء في فيلم أو مسلسل مصري مادة للتندر على قبحها “حتى لو كانت الممثلة نفسها جميلة الملامح”، فالسواد عندنا في مصر – في السينما – معادل للقبح، بعيدا عن أي معيار للجمال!
ولا ينسى أحد كم السخرية العنصرية من السود في فيلم رامز جلال “مراتي وزوجتي”، أو في مسلسل “الكبير قوي” – الجزء السابق- مثلا، والذي لم يتجاوز مفهوم أفريقيا فيه ما طرح في فيلم “عماشة في الأدغال” منذ ثلاثين أو أربعين عام!
لا أمانع في أن نكون شعبا عنصريا ونعترف بذلك، ولكن على الأقل فلنتسق مع ذواتنا حين تخرج دعاوى تهاجم صورة العرب في أفلام الغرب باعتبارها صورة عنصرية أو مسيئة.. فيا عزيزي الغيور على صورتك في العالم الخارجي.. إعلامك ومجالك الفني لا يقوم إلا بإهانة كل الجماعات البشرية الأخرى بناءا على هويتهم أو لون بشرتهم أو معتقداتهم.