فكرت كثيرًا وسألت نفسي: لماذا تحبين الزمالك؟
لماذا تعلقت يا قلبي بقلعة لم تر من النور إلا ومضات متفرقة؟
لماذا التشبث بناديٍ طالت سنواته العجاف وغاب ملوكه عن منصات التتويج وتوالت لحظات الإحباط والليالي الصماء على أبناء ميت عقبة؟
وفي الحقيقة لم أصل لإجابة محددة، وتأكدت أنني لا أحب الزمالك -نعم لا أحبه- فشعوري تجاهه أكبر من ذلك بكثير؛ فهو العشق والهوى.
هو الشغف في حياة بائسة، مملة ورتيبة.
بات بالنسبة لي كأحد أفراد عائلتي الذين لا يكتمل يومي بدونهم، أصبح كأخي الذى اطمئن معه أو أختى التى افتخر بها دومًا، أو كصديق مبهج في كل الأوقات، هو كابن لك تعنفه أحيانا وتخاف عليه باستمرار.
مجرد اسم الزمالك كفيل بإسعادك حتى وإن خسر الفريق، فليس أمامك إلا أن تذوب في قلعة الملوك هكذا بدون سبب، فالأسباب ليست مهمة دائما؛ المهم النتيجة.
المهم أنني زملكاوي.
وتشجيع الزمالك يا عزيزي ليس بالمهمة السهلة كما يتصور البعض، فهي مغامرة محفوفة بكثير من المخاطر، لكنها بكل تأكيد تجربة لابد أن تخوضها، ببساطة لأنه فريق ممتع كرويا، هو مدرسة للفن والهندسة اسمًا وفعلًا، ويستحق انتماءك إليه.
أن تكون \”زملكاويا\” يعني انتماءك لكل ما هو أبيض بخطين حمر، وأن ترفع راية الخطين فخرًا في لحظات الانكسار قبل فرحة الانتصار، ولابد عليك إدراك أن \”سنظل أوفياء\” ليس مجرد شعار للتباهي على صفحات \”السوشيال ميديا\”، لكنه واقع مَر عليك في أوقات صعبة ماضية، ظللت فيها درعًا وسيفًا للقلعة البيضاء بتشجيعك وهتافك الذى لم ينقطع، واحتمالية عودتها واردة.
أن تكون \”زملكاويا\” يعنى تساؤلك الدائم: ماذا لو لم يؤسس البلجيكي جورج مرزباخ نادي المختلط \”القلعة البيضاء في ثوبها الأول قبل أن يتغير اسمه لفاروق وصولا للزمالك حاليًا\”؟ كيف كانت ستصبح الحياة؟ بالتأكيد سوداوية وحمقاء أكثر مما هي عليه الآن، فالزمالك قادر على منح الحياة رونقًا وروحا وإثارة بكتابته لفصول شتى في عالم الدراما، وأقصد بكتابته للدراما هنا \”الهزيمة التى تتحول لفوز في الدقائق الأخيرة، والنصر الذي ينقلب خسارة رغم جودة الأداء، والمبارايات السهلة التى تضيع، ومفاجآت المكسب عند استسلام الجماهير. الخ\”.
المدينة الفاضلة لا مكان لها بيننا، ومنطقى أن يكون لكل الأشخاص والأشياء من حولنا مزايا وعيوب، لكن هذا المنطق لا وجود له بالنسبة لنا كـ زملكاوية، خاصة وإن تعلق الأمر بالزمالك، فلا نرى له خطايا ولكل قاعدة شواذ، واتحدث عن الكيان ذاته، بعيدًا عن بعض الأشخاص الحمقى الذين يرتبط اسمهم به بشكل أو بآخر.
أن تكون \”زملكاويا\” يعني انتماءك وعشقك لكل أبناء النادي المخلصين، ويعنى أنك مذاكر جيد لمشوارهم وحكايتهم في القلعة البيضاء ولأمجادهم في أدغال افريقيا والعالم، فتنشد الأغاني حبًا في أخلاق علي خليل وولعًا بانتماء حلمي زامورا ومحمد لطيف وإبراهيم يوسف وطه بصري وعبد الحليم علي.
يعنى أنك من دروايش السلالة الإمامية \”يحيى الحرية إمام، حمادة إمام، حازم إمام\”، الذين أفنوا حياتهم بين جدران النادي، وأن تعرف أن البطولات مهمة، لكنها ليست كل شيء لتشجيع الزمالك، وأن تتلخص آمالك في الحياة في أن تظل القلعة البيضاء دائمًا مرفوعة الرأس.
أن تكون \”زملكاويا\” يعنى أنك عاشق للرقم ١٤، ويعني أشياء أخرى كثيرة يعرفها كل من ينتمى لتلك القلعة ولو حتى بالتشجيع، وتسكن أعماق قلبه وتعجز الكلمات عن وصفها.
وإجمالًا، أن تكون \”زملكاويا\” يعنى اختيارك الانتماء والوفاء لمن يستحقه؛ ويبقى الجميل في الزمالك هو الزمالك ذاته.