أسماء الشهاوي تكتب: السلطان الرجيم

سَالم..

مالي آراك تتمايل فرحاً، فأنا منذ المهد لم أعهدك متبختراً هكذا، تحلق في سماء البطش مستعلياً، وتعانق سيفاً مكتحلُ بالكذب، تراقصه كالذى يتخبطه الشيطان من المس وتنشد مواويل عصاة الشرق مجلجلآ، وتأتى بكل قبحٍ من كل فجٍ عميق، فلما كل هذا الفيض من الإبتهاج المستعار وكل شيء يحاط بنا حزين، كل وجه يغمره الجمال قبيح، حتى سماءنا باتت زيف.

يا ابن أم إنك كذاب تدك أحلامك دكاً، وتقتل الوطن لتنسج مما تبقى منه للجلاد  نيشانا، تسرق من الفقير نصف رغيفه العفن، لتزدحم أمعاء السلطان، تصلب القط إن بكى على الإنسان، تواكب الظلمات وتقول مصر تحيا، والموت صفوف تستقيم على الجدران، وتعلن على الضياء العصيان، فتشطر الرشاد معلنا رجم الحريات في الأوطان.

يا ابن، أم للحق بيت، فول وجهك شطره، ولا تتبع خطوات السلطان، يعدك كذباً ويُهديك وطناً من الأوهام، يفترش لك تابوت الطهر ويكسوك بلباس الأطهار، ويأتى بنحاته لينحت وجهاً حانيا يهون على قاطني الحظائر المنام، ويزركش رأسك بتاجٍ من القصدير، ويملأ عينيه بالدمع آسفاً على ضعف العزائم ومكائد الكائدين، وها أنت أصبحت له طاغية بألوان مبهجة تنير قصره وتحترق في بطون الكهان.

يا ابن أم، خاب بك وطنى وتاهت ثورات آسى بها الفرسان، فلا تلُم جُرحا سكن وجهى، ولُم سيف جَارحى عابد الأصنام الذى يراقص سجان أمتنا فوق الموتى، ويسأله السواد متوسلا أن ينخر أجساداً فوق أجساد.

فمالي أرى وجهك ملطخا بالغضب وآراك تنشر هداك وأنت سائح في الضلال، تتوضأ برماد المحارق، وتدفن إنسانيتك تحت الركام، تصلب الصغار من خلاف، ولا تبالي بصرخات النساء، تضاجع الغل لتنجب على موائد النجاسة كل ساعة رأسا لذبيح، تقتل حريتى دون حياء بآلاف الطعنات.

أحقاً الجلاد يستحق كل هذا العراك؟ أوليس نحن أولى بالحياة؟!

فلا تزايد وأقدامنا دهست صغار الأعمار ليبقى الوطن حياً، وسلطانك وعشيرته باعوا الضمائر في المزادات، وأجهضوا شعبا تجلط في رأسه العقل، وتعسفوا في ذُل البلاد، يسألون الناس الشتات، ويسألون إبليس جهاراً الثبات.

يا ابن أم، لا تفرط في البكاء, ولا تقدم نفسك قرباً لسلطان خناث، لا يراك حتى إن صافحتك المشانق وسكنت أنت ووطنك الأكفان، ولا تقل \”خائن\” لمن حمل معك الوطن على الأكتاف، وكان يسجن معك بالفعل الفاضح وهو يمارس النضال، ولا ترتجف وتقل معارضاً في صفي، وقل إنهم لا يدركون من هو الإنسان، لا يرون الإنسان سوى سورة في القرآن.

يا ابن أم، نحن الوطن والوطن لا يسكن القصور، ولا يرتدى التيجان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top