أعلن أنا أسامة عبد الفتاح الشاذلي روائي مصري، توقفي وامتناعي عن ممارسة أي نشاط إبداعي يخص الرواية في وطن كمصر، وطن صار جحيما يحيا في العصور الوسطى، تبدو محاكم التفتيش بجواره ساذجة وشديدة البراءة.
في ما يسمى بلادي يسجنون الروائي لأنه يملك الخيال، ويكرمون القاتل لأنه يملك القوة، في بلاد لا العدل والحق فوق القوة، بل القوة تضاجع الخيال.
لست راغبا في الكتابة بعد الآن، لا أحد يقرأ.. لا أحد يسمع، أعمى يقود أعمى.. كلاهما يسقط في الحفرة، وما صار للوطن حفرة، بل مزبلة تليق بحكامه وقضاته وشعب يأبى الحياة.
كنا نكتب لأننا نملك أحلاما ما، نظن بسذاجتنا أنها ملهمة، نظن أن البعض قد يجد فيها ملاذا، لكننا اكتشفنا في وطن مثل هذا أن الملاذ في السلطة.. في القوة، ومنذ متى يملك الكاتب سوى أحلامه وخياله؟
قاض مؤدب رأى فيما كتبه أحمد ناجي خدشا للحياء العام، هذا القاضي نفسه أو زميله الذي يشبهه، لم ير في الدماء خدشا للحياء.. لم ير في الفشل خدشاً للحياء، لم ير الفقر ولا المرض ولا الفساد خدشا للحياء.. في الحقيقة هو أقل حياء مما يمكن لخيال مثلي أن يتخيل.
في النهاية لابد أن ننظر لنصف الكوب المليء بالدماء.. نجحت مصر وحكومتها وقضاؤها في القضاء على أسطورة محاكم التفتيش في العصور الوسطى، عادت مصر للريادة، فلنشكر المولى على الجهد المبذول.
عزيزي أحمد ناجي.. سجنك نور، وحريتنا خذلان وعار.. \”استخدام الحياة\” ستبقى رواية خالدة مدى الدهر، لأنها زجت بصاحبها في السجن، ولا يدرك هؤلاء الحمقى أن غاية ما يحلم الأديب، أن يبقى ما كتب بعدما يرحل.. مبروك يا صديقي.
يُنشر هذا المحتوى في إطار حملة مشتركة بين مواقع \”زائد 18\”، و\”مدى مصر\”، و\”قل\”،و \”زحمة\”. للتضامن مع الروائي أحمد ناجي.