\”وتطلع، فرأى الأغنياء يلقون قرابينهم في الخزانة.. ورأى أيضا أرملة مسكينة ألقت هناك فلسين، فقال بالحق أقول لكم إن هذه الأرملة الفقيرة ألقت أكثر من الجميع\”
لوقا: 21:1-4
تذكرت جيدا تلك القصة الواردة في العهد الجديد أثناء قراءتي للنداءات التي بدأت خافتة مع بداية أزمة الدولار العنيفة مطلع هذا الأسبوع، والمطالبة بسرعة عمل تحويلات دولارية من ملايين المصريين بالخارج لإنعاش خزينة البنك المركزي، والتي سرعان ما علت ووضحت بشكل رسمي بتصريح للسيدة غادة العجمي عضو مجلس النواب عن المصريين بالخارج (معرفهاش وما تنخبتهاش والله وشكلها متعينة)!
قارنت المشهد الماثل في القصة، مع ذلك الطلب الوقح من حضرة النائبة، فنحن هنا كالأرملة التي ستدفع أكثر من الجميع، والجميع هنا هم وش القفص، الأوليجاركيه المتمصرة، الجيش وقضائه وداخليته، بمعزل عن الخوض في الوضع السياسي والأمني.
أليس من الأولى ببلد ترزح تحت عبء دين داخلي يتجاوز التريليونين من الجنيهات وما يزيد عن 48 مليار دولار مستحقة لهيئات وبنوك ودول كدين خارجي، أن تطلب من تحالف الاوليجاركيه أن يتنازل عن بعض امتيازاته؟! دعنا لا نقل تنازلا، بل ولو على شد الحزام مع العامة من الموظفين، وتندرج مثلهم تحت مظلة القانون المجحف المدعو بالخدمة المدنية! مع الاحتفاظ طبعا بوضع كلمة هيئة قضائية أو password أو نسر على لوحات سيارتهم المعدنية.
اوليجاركية متغلغلة تعج بالفساد الأبدي حتى آخر نفس في صدر صاحبيها من إعادة تدوير كوادرها المتقاعدة المعتوهة في كل أجهزة وقطاعات الدولة.
أنا اعلم أن فكرة مثل تلك تعد ضربا من الجنون في بلد مديون وعلى وشك الإفلاس، يمر موكب رئيسه على سجاد، وليس على -لا سمح الله- الأسفلت.. رئيسه الذي لم يكن له من هم طوال العامين الماضيين سوى الصرف على صفقات سلاح من هنا ومن هناك بحثاً عن اعتراف دولي بنظامه وبشرعيته خارجيا، أو حفر تفريعة ومؤتمر اقتصادي ومليون وحدة سكنية وعاصمة إدارية لنفس السبب داخليا.
الحديث يطول عن حصر طرق هدر النظام لأموال الشعب ورز الخليج، من أجل لقطات تلفزيونية، والنتيجة الحتمية، عجز في الموازنة، وشح في العملة الصعبة، وكساد غير مسبوق، وإغلاق شركات وتوقيف نشاطات، وإنعدام فرص العمل، ليكون الحل وطوق النجاة، تحويلات المغتربين! عفوا.. اقصد الأرامل.