أحمد فتحي يكتب: الراعي والكلاب

حياة روتينية، وكوارث اقتصادية، وموجة غلاء تبعتها الأزمة السعودية، ثم \”ردح\” إعلامي، فمنع للمنح النفطية وإهدار ملايين للاحتفال بمرور 150 عامًا على إنشاء الحياة النيابية في وجود برلمان يفخر ويتباهى بأنه اﻷول الذي لم يُعارض القرارات الرئاسية!

البطون خاوية، والتقشف على اﻷبواب، ولن يتبقى لنا لا عمة ولا جلباب وسط نجاحنا باجتهاد في تفرقنا شيعت وأحزاب.
على مدار الـ3 سنوات اﻷخيرة، كرَّس فريق كل جهده في ري نخيل ليحافظ على خير إنتاج \”البلح\”، دون الشعور بطول فترة الري، أو مراعاة مرحلة الجفاف المنتظرة، ودون النظر إلى احتمالية أن تكون نخلة خبيثة تطرح \”بلحة\” فاسدة، ولكنهم ظلوا -ومازالوا- يدافعون عنها باستماتة ويكيلون السُباب والاتهام لكل من حاول إسقاطها أو قطعها من جذورها بعدما أفسدت حياة بأكملها، ودمرت تربة بمقوماتها، وسممت جيلًا شاملًا، بل جوَّعت وحرَّمت النوم على من بقى، بداعي توفير \”وطن مستقل\”.
في الوقت ذاته حاول مجموعة من الرافضين منع التمدد التخريبي، واستئصال أورامه التي لحقت بهم، بداية من الثوار المُطاردين أو المعتقلين، أو الاحتجاج النقابي الذي لم يبدأ إلا بعد لحاق أذى كبير به. سواء \”اﻷطباء\” في تحركها بعد اعتداء الداخلية في مستشفى المطرية، أو \”الصحفيين\” بعد اقتحامها ومحاصرتها، أو \”المحامين\” التي لا تنتهي الانتهاكات ضد أعضائها.. جميعها كانت تحركات عُظمى في بداياتها وواسعة في انتشارها، لكن ينتهي اﻷمر بعد أيام وكأن شيئًا لم يكن.
ألم يكن الحراك النقابي العمالي الحقوقي في تلك الفترة كافيًا لتوفير بديلًا للنخلة الخبيثة؟
جماعة أخرى وتفاصيل موازية وعودة منتظرة لشرعية عمياء.. روح سلبية تفسد كل حراك إيجابي، بيانات وظهور في أوقات غير أوقاتهم، كالديدان التي تظهر على الثمار بعد اكتمالها لتأكلها وتفسدها وتمنع إنتاجها، وتأبى أن تظل صامتة، ولا يكفيها فترتها التي تصدرت فيها المشهد، وما كان إلا زيادة من الإفساد وتجارة بدين ودماء.
بلد بأكملها انقلب حالها بسبب 3 دقائق لـ\”خريج التوكتوك\” وتبادلوا السب والقذف لاختلافهم هل هو \”إخواني\” أو مواطن \”غلبان\”، ولست هنا بصدد الحديث عنه أو شخصه بقدر ما يعنيني كلماته وشكوته التي غفل عنها الجميع لانشغالهم بـ\”خناقة\” الاتهامات والسُباب.
حاليًا.. هناك من يستعد ويترقب اندلاع \”ثورة الغلابة\” وانتفاضة الجياع، لكن الحقيقة المبكية أن \”الغلابة\” لا يقومون بثورات. \”الغلابة\” هم من سبوا ثوار يناير ولعنوا أيامها.. هم من أهدروا كرامتهم ووضعوها تحت أقدامهم ليصلوا إلى \”تفاهات\” دنيوية.
ولنفترض أنهم نظَّموا ثورة وخرجوا بها، فهل ستستمر إذا حصلوا على بعض السلع الغذائية؟
هل سيمتنعون عن مدح السلطات والنظام الذي سرق ونهب حقوقهم وألقى لهم الفتات كي يفرحون ويهللون له ويسبحون بحمده، وحقهم الطبيعي -أصلا- أكثر من هذا؟
ولنفترض أنها نجحت ووجهات النظر ضُربت في ثكناتها، ونجاحها فاق سقف جميع التوقعات، هل هناك بديل صالح؟ هل وفرنا نحن، أم سيركب من يركب ويدلدل من يدلدل ونعيد سيناريوهات إخوانية فعسكرية مرة ثانية؟

جميع قوى المعارضة تحاول على مدار أكثر من 50 عامًا توعية اﻷغلبية \”المغيبة\”؟ ولكن دون جدوى أو فائدة أو نتائج ملموسة.
وللأسف هم مع الغالب، فتارة كانوا معك، وأخرى يطلقون اللحى، وأخيرًا راقصون أمام اللجان، مدافعون عن قرارات \”الشحاتة\” والتقشف والفقر.
أيًا كانت اﻵلية والجهد المبذول، فلابد من محو أسس العبودية من عقولهم.
راعي اﻷغنام دائمًا ما يصطحب معه كلبًا في البرية، وإذا خرجت شاة من القطيع ركض الكلب لردعها وإعادتها مرة أخرى، فتسير حسب أوامره.. هذا عن كلب الراعي.
كذلك نحن. جميعنا عباد لخالق واحد، ولكنا انحرفنا كثيرًا عن الطريق الصحيح، لذا سلَّط الله علينا \”كلابه\” تأمر وتبيع وتحكم وتتحكم. هذا عن كلاب الله في اﻷرض.. فهلا رجعنا لطريقنا الصحيح ومسارنا الأصلح؟

«وجِّب مع السكان وأهل المنطقة حتى لو فاهمين غلط.. في ناس كتير متلخبطة.. اكسب عدد واكسب غطا»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top