شردَت الجميلة السمراء بعينيها ثم غمغمَت تسألني بفُضول حزين:هل تعتقد أن إحدانا لو قررت عدم الزواج أو الإنجاب ستحيا حياةً قاسية باردة؟!
سؤال إجابته تستوجب أولاً الإقرار بحقيقة من الضروري إدراكها لكل عاقل.. ألا وهي إن الزواج والتناسُل هما ببساطة نشاطين اثنين فقط من الأنشطة العديدة المتاحة أمامَك في الحياة والتي تستطيع من خلالها تحقيق ذاتك ونفع مُجتمعك وإعمار الأرض وترك بصمة في هذه الحياة.
نفع البشرية هذا الذي ليس شرطا أن يبدأ من بين فخذيك!
فالزواج هو نشاط واحد فقط من مئات الأنشطة الحياتيّة وليس كما اعتاد الناس تضخيمه وتعظيمه حتى أصبح هو الحياة نفسها.. فتسمَعهم يصفون الزواج بأوصاف كـ \”دخول الدنيا\”.. أو هو في ثقافات أخرى \”نصف دينك\”!
وهي المغالطة التي ارفُضها تماما وأُلِحُ على الشباب برفضها.. فعدم الزواج لا يعني أنك لن تحيا.. ولا يعني أيضا أنك بنصف دين فقط!
لا شك أنك تخسر بعض المميزات التي كان من الممكن أن يضيفها الزواج لحياتك كإنسان -فقط إن كان زواجاً ناجحاً صحياً- إن قررت عدم الزواج.
تماما كما أنك ستخسر بعض الميزات لو قررت عدم السفر والتجوال في العالم.
تماما كما ستخسر بعض الميزات لو قررت البُعد عن العمل المكتبي والاتجاه للعمل اليدوي رغم حصولك على شهادة جامعية.
تماما كما ستخسر بعض الميزات لو قررت عدم شراء سيارة خاصة رغم مقدرتك المادية والاعتماد على المشي والدراجة في التنقل.
والأمثلة لا تنتهي.
لكنك لابد أن تلاحظ أنه في جميع الأمثلة ستجد أمام كل ميزة تخسرها هناك ميزة تحصُل عليها بالمقابل.
فقط عندما تُدرك /تدركين حقيقة أن الزواج والإنجاب لا يعدو كونه أحد الانشطة المتاحة أمامك في الحياة.. تستطيع وقتها تحديد ما إذا كنت تحتاج ما يمنحه لك من مميزات أو أنك على العكس تماما في غنى عنها ولا تحتاج الانخراط في هذا النشاط الآن على أقل تقدير، وربما لا تحتاجه نهائيا.. وترى حياتك كاملة سويّة بدونه.
لا يا عزيزتي.. فحياتُك.. برودتها.. قسوتها.. هي قرارك.