أحمد بحار يكتب: سيد مشاغب.. وأرض الخوف

في الوقت الذي كانت مجموعة أولتراس وايت نايتس تعلن فيه اتهامها لمرتضى منصور ونجليه، ووزير الداخلية الأسبق وبعض المحرضين الآخرين، في مجزرة الدفاع الجوي.. كانت قوات الداخلية تداهم منزل \”سيد مشاغب\”.. كابو المجموعة لاعتقاله، هو وأيمن عبد الحميد \”بالا\” أحد أعضاء المجموعة، وإقتيادهم لجهة غير معلومة.

وبعد مرور خمسة عشر يوما.. لا أحد في مصر يعلم بمكان سيد مشاغب، وقد تقدم والده والمحامون ببلاغ للنائب العام لتوافر شروط الاختفاء القسري، بعدما امتنعت كافة مصادر الداخلية عن الإدلاء بأي معلومة تفيد بمكان إحتجاز سيد علي.

حتى خرجت علينا أمس الأول نيابة أمن الدولة لتعلن حبس سيد مشاغب 15 يوما.. على خلفية تأسيسه لمجموعة أولتراس وايت نايتس.. هل الوايت نايتس باتت جماعة إرهابية حتى يعاقب أحد مؤسسيها على ذلك؟! متى اعلن هذا؟ أم أن القضاء والداخلية كانوا يعدونها مفاجئة لجماهير الكرة؟!

من غير المفهوم أن يرفض القضاء منذ أشهر دعوى قُدمت لاعتبار الاولتراس جماعات إرهابية، ثم تعود النيابة الآن لعقاب أحد المنتمين لها، على تأسيسها!

هل اعلنت الدولة الحرب على آلاف الشباب ممن ينتمون للمجموعة؟! أم أن نيابة أمن الدولة تختلق تهمة لا وجود لها؟! وهل سيمر أمر بتلك الخطورة مرور الكرام على عشاق دولة القانون؟!

في الوقت الذي أكد فيه المحامي أسامة الجوهري، أنه شاهد سيد في جلسة الحكم في قضية البول والاعتداء على مرتضى منصور، وقد تركت آثار التعذيب أثرها على سيد، الذي ظل يُعذب طوال 13 يوم لإجباره على اعترافات غير صحيحة من قبل الداخلية.

كانت تلك الأخبار في الوقت الذي اعترف فيه المجلس القومي لحقوق الإنسان بوجود حالات التعذيب بالسجون، وفي الوقت الذي يعلن فيه دوريا وفاة معتقلين في السجون والأقسام، وسط حالة من التعتيم الإعلامي المفروضة بخصوص الموضوع، وموضوع قضية مجزرة الدفاع الجوي، فبعدما امتلأت وسائل الإعلام بالبكاء والرثاء لشهداء المجزرة، انتهى الحديث عن القضية تماما مواكبة لقرار النائب العام حينها بحظر النشر. في القضية التي شاهدها العالم أجمع.. تلك القضية الواضحة التي لا تحتمل تأويلات، فمن استعان بالقفص الحديدي ليس مشجعي الزمالك ولا الإخوان المسلمين، ومن اتخذ القرار الغبي بإطلاق الغاز على الآلاف من البشر في ممر ضيق لم يكن سيد مشاغب.. الداخلية من قامت بذلك وليس أصدقاء الشهداء.

في الوقت ذاته سيطرت حالة من الاستسلام على وسائل الإعلام وعلى قطاع عريض من الشعب بأن حتى تلك القضية الواضحة وضوح العيان.. لن يتوصلوا للحقيقة فيها! فقد قامت النيابة باتهام سيد مشاغب ومصطفى طبلة – قادة جماهير الزمالك – بالتدبير مع أربعة عشر إخواني وجهت لهم النيابة تهمة الشروع في إحداث أعمال الشغب والاعتداء على القوات، وكل تلك الاتهامات التي تريد أن تصل بنا النيابة إليها، وأنها أدت – في النهاية – إلي أن قامت الداخلية بإطلاق قنابل الغاز لفض التجمهر خشية وقوع قتلى نتيجة لأي إرهاب محتمل، بما أن الداخلية تحارب الإرهاب! وهل حاربته الداخلية بالفعل وأنقذت المواطنين من هواجس الإرهاب؟

بلى.. قتلت عشرين مواطن.. جتها نيلة اللي عايزة تحارب الإرهاب!

في الوقت الذي انشغلت فيه وسائل الإعلام بمتابعة أخبار الحرب التي تشارك فيها مصر في اليمن، دون معرفة أسباب حقيقية عن المشاركة سوى أننا ندفع تكاليف ثمن الكفيل الذي لا نعلم عنها أى شئ، ومع ضبابية الرؤية وتغير المواقف وتحالف مصر مع أعدائها بالأمس في الحرب العربية.. في الوقت الذي تعالت فيه أصوات الإعلام بالتأييد للحرب دون مبررات توصلهم لسبب محترم لإقناع المشاهدين بأى شئ في هذا الموضوع.. الرسالة هى أننا نحارب ولا وقت للحديث أو لمحاولة الفهم. في وقت يتسم بكل هذا الجهل والقمع والضبابية.. لا تستطيع أن تضمن لمجموعة من الشباب حقهم في الحياة دون أن يتأثروا بما تمر به البلاد، فمن قتلهم الآن يواجههم من الخلف وهم مكبلين وسط حالة الموات التي أصابت الوطن.. تلك الروح التي هتفت للحياة طويلا في كل الأوقات.. الأن يتكالب النظام عليها.. مرة بالقتل والمرة الأخرى بالاعتقال والاتهام بقتل أخوتهم!

والجميع يشاهد.. شعب ونظام وحكومة وثوار وكل فئات الشعب المسحولة في تكالب النظام عليها.. لا أحد يستطيع الوقوف ضد الطغاة ومواجهتهم بجرائمهم.. هذا مفهوم تماما نظر لطبيعة النفوس التي تعيش في تلك البلد.. السؤال الغير مفهوم.. ما هى فائدة مرتضى منصور للنظام حتى يحميه بهذا الشكل؟! فقد بات \”كارت\” محروق للنظام بعد حادثة \”كيس البول\” وبعد أن سخر منه الجميع، وهذا ما وضح في حديثه بعد ذلك عن علاقته بالسلطة.. أراد مرتضى أن ينزل الشارع دون أن يلعب مع الشباب الذي سخر حياته للسعادة، لكن الموضوع كان بالغ الخطورة على مرتضى.. الأمر الذي دفع لطرح فكرة القفص الحديدي على وزارة الداخلية كما صرح أحد متحدثيها بعد الأزمة.

هذا لا ينكر مسئولية وزارة الداخلية عن الموافقة على تواجد القفص الحديدي.. ومسئوليتها عن المجزرة كلها.. هذا ما يصعب على الإعلام المصري الحديث عنه.. هذا ما لا يواجه المواطنين به أنفسهم.. لقد شرعت الداخلية المصرية في الاحتيال على المصريين في تلك القضية لمحاولة القضاء على المجموعة التي سبق وقد قتلت أبناءها.

الداخلية ومن عاونها من سلطات لا تحقق مع من اتهمهم أهالى الشهداء والرأى العام وقت المجزرة.. وتحقق مع أعضاء جماعة الإخوان وقادة المدرج الأبيض الذين عاشوا في هذه المدارجات طوال خمسة عشرة عاماً.. عاشوا فيها أعظم أيام حياتهم.. تحملوا ما تحملوا طيلة 7 سنوات مع إخوتهم في الدم طوال رحلة لم تخل من الإنكسارات.. التي لم تتوقف أمام الحكاية التي عاصرت أعظم أيام هذا الجيل، الذي خرج محبا للحياة رغم عدم توافر المناخ المناسب لكل هذا الحب.. الحب الذي جعلهم – يوما – يعشقون ويحلمون ويتمسكون ويدافعون عن أحلامهم.. حد الكرامة.. تلك التي لم يمتلك أى منهم غيرها طوال هذه السنوات ورفقة الأولاد في المنحنى الجنوبي.

سيد مشاغب الأب لمعاذ ورؤى، ومصطفى طبلة الأب لعمار وكرمة، تربوا وسط جماهير الزمالك، فسيد هو لاعب الزمالك الذي لم يكمل مشواره وانصرف إلي المدرجات كواحد من عشاق الزمالك حتى صار كابو لجماهير الزمالك، في المقابل مصطفى طبلة هو الشاب الذي عاش في ريعان شبابه في المدرجات، وسافر خلف الفريق بأداة تشجيعه التي مازالت تتذكر تلك الأيام التي بدأ فيها حلمهم هم وإخوتهم في الدم.. من رحلوا ومن بقوا خلف فكرتهم.. الإ أن وطنا يتسع للعديد من المجازر، ربما هو وطن غير آمن على الأفكار، فالمجازر تنشر الخوف، والخوف يقتل الحرية.. نحيا في وطن يحكمه فرد لا يستطيع التحرك بحرية في بلده.. لوقوعه في شرك الثأر.. وجماهير لا تستطيع التحرك بحرية حتى لا تقتل.. الخوف يحكم في العاصمة المصرية.. الجميع يهربون في الشوارع.. حاكم ومحكوم.. سلطان وجماهير.. وطن يتسم بالخوف والضبابية.. حتماً سيضيع الحق فيه.. فلقد بات الحق باهظا جدا هذه الأيام في تلك البلدة.. التي باتت جاهزة تماما.. لاستقبال المسيخ الدجال.

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top