آدم يس مكيوي يكتب: مشهد برجوازي

ديكور عائلي ليل داخلي:

– قد تكون مدعوا لمحفل عائلي كلاسيكي يغص أو يعج -أيهما أقرب- بلفيف من رموز أسرتك ويا حبذا لو كان هذا التجمع في إطار رمضاني، حيث تمتلئ البطون وتكثر ذبذبات الثرثرة الفارغة مع بخار السجائر والشاي، والكل جلوسا على الطقم المذهب التقليدي المستوحى من طراز لويس الخامس عشر الذي تم ابتذاله عبر القرون.
مؤخرا زاد تردد وتواتر النقاشات بسبب كم المدخلات Inputs التي دخلت عقل المصريين والتي قارب عقلهم فيها على الاحتراق والانهيار.
محفل عائلي يضم بين دفتيه حكماءا ممن تجازوا الخمسين وأنت طالع.. مستشار سابق أو حالي.. لواء شرطة ع المعاش ويعمل كناقد تلفزيوني منزلي حال، أو طبيبا ممارسا له مستشفاه وعيادته، ولكنه لا يعي شيئاً مما يدور حوله من أمور.. فقط يلم بالأطر العامة التي تحفظ له مسار حياته المهني سليما.
قضايا مثل الإخوان والثورة التي أفسدت البلد وقضت على استقرارها، هي قضايا محسومة في أوساط أباء وعواهل الطبقة الوسطى المصرية -إلا فيما ندر- بينما تظل قضية الأقباط غير محسومة.
يشترك الكل في حب وتقديس الزعيم القائد الرمز الذي أطاح بالإخوان وبمؤامرتهم..  درجة متابعة الطبقة الوسطى -ما بين المتوسطة والمرتفعة-  للبرامج متباينة،  لكن المعايير متفق عليها.

تظل هناك أزمة في التعامل مع الطرف الأخر حتى في الطبقة المتوسطة التي شغلت مناصب مرموقة في سلم الدولة الوظيفي بالاجتهاد والدأب واتباع قواعد الترقي السليمة.
هذة الطبقة تتراوح في تعاملها مع المسيحيين بحذر، ربما هناك منهم من يتعامل ببساطة، ولكن قد تفلت منه جمل مثل: هو مسيحي بس كويس! شفتي مش فلانة طلعت مسيحية!!! مسميه بنتها مونيكا والبنت التانيه مارجو.. عليهم أسامي عجيبة المسيحيين دول! لطفي لبيب ده دمه خفيف بس مسيحي.. لأ طبعا مينفعش مسيحي يبقى رئيس المخابرات.
بعد زيارة الأب الكبير عبد الفتاح السيسي للكنيسة، أخرجت طبقة كبار الموظفين من جعبتها حواديت عن التلاحم والتعايش.. طبقة تتحرك بالريموت من فوق.

كيف ينظر المصري المسلم للمسيحي و المسيحية
\” قاموس صادم \”

الإنسان من مشارق الأرض لمغاربها لا ينصهر ويتجاوب مع الأخر، إلا لو تحلل من كل أفكاره وخلع عنه رداءه تماما.
لن تعدم بلدا أو ركنا أو زاوية يسخر فيه كل صاحب دين أو عرق أو قومية من الآخرين أيا كانوا، مثلما يصم عندنا في مصر سكان المدن سكان الريف و الصعايدة بآلاف الأوصاف، ولا يخفى على أحد مئات وآلاف النكات التي قيلت عن الصعايدة قبل أن يندثر وينزوي فن النكتة نفسه.
النكات والمواقف المضحكة التي تظهر في الأفلام والكتابات ما هي إلا انعكاس لحال المجتمع، ففي فرنسا يسخرون من البلجيك والكنديين، كما نسخر نحن من الصعايدة، وفي سوريا.. الحمصي هو الصعيدي، ومثلما هناك \”مرة واحد صعيدي\”، هناك \”مرة واحد حمصي\”.
هناك نكات مقبولة في إطار مجتمعي، وقد تتحول أحياناً لسخرية ذات طابع عنصري تستجلب احتجاجات أو مظاهرات أو ملاحقات قضائية أو ضرب نار، كما حدث مؤخراً في مقر جريدة شارلي إبدو الفرنسية الساخرة.
عموماً سخرية أو عنصرية الكثير من المسلمين المصريين الموجهة صوب المسيحيين تستمد قوتها من الكثافة العددية للمسلمين مقارنة بالمسيحيين في مصر – حوالي 90 % إلى 10 %- رغم أن مصر كانت دولة -في وقت ما- ذات أغلبية مسيحية، قبل أن يأتيها الفتح الإسلامي.


من قاموس النقد أو السخرية

السخرية تعلو وتهبط حسب المزاج العام، وقد بدأت تظهر بشكل حاد وواضح في المجتمع المصري بعد حادثة \”الزاوية الحمرا\” في نهايات عصر السادات، وطفحت على المجتمع بعد ظهور ظاهرة الشرائط الوعظية والإسلامية، وأشهرها شرائط عمر عبد الكافي التي تحرم تهنئة المسيحيين بالعيد، وعادت بقوة ولكن من الإخوان ومن والاهم من ناحية، في أتهام واضح وصريح للأقباط والبابا بالانحياز للسيسي في معركة 30 يونيو، وأطلق الإسلاميون عفيفو اللسان على المسيحيين ألقاب من عينة \”كلاب تواضروس\”!
\”عضمة زرقا\”.. هذا مصطلح له حكاية، ففي عصور الاضطهاد الإسلامي للمسيحيين بعد الفتح العربي، كان يفرض على أقباط مصر ارتداء صليب ثقيل، مما أحدث هالة زرقاء على رقبتهم.

\”قبطي مزيت\” وذلك لأن المسيحيين في صيامهم يبتعدون عن أي مكونات حيوانية في الطعام، لذلك يطهون بالزيت فقط.
\”أربعة ريشة\” في إسقاط على الصليب وبعد حادثة القديسين.

\”فلان أسلم\”.. ما بين الحقيقة و الإشاعة كان المصريين والعرب عموماً يهللون لأي مشهور أشهر إسلامه، مثل شائعة إسلام مايكل جاكسون والبابا يوحنا بولس الثاني أو إسلام مايك تايسون، بينما لو حدثت أحدا عن تنصر الرئيس الأرجنتيني كارلوس منعم أو الشاب المصري محمد حجازي لرد عليك: هذا مختل عقليا أو مغرض أو شاذ، فالعالم كله يدور في فلك المسلم و من يخرج من هذا المدار، فهو شاذ أو مغرض أو منحرف!

\”أسطورة أن القساوسة والأساقفة والباباوات يعلمون أن الإسلام هو الدين الحق ولكنهم يخفون الحقيقة عن المسيحيين\”
وأن هناك نسخة من إنجيل برنابا، وهو الأنجيل الوحيد غير المحرف في قبو بالفاتيكان وربما هذه الأسطورة هي التي عضدت شائعة إسلام البابا يوحنا بولس الثاني قبل وفاته\”.


أسماء المسلمين
VS  أسماء المسيحيين:
في نوفمبر 2011 كتب أبي الراحل هذا الستاتوس القصيرة التي أود أن أكمل بها فكرتي:

المصريون بمسلميهم ومسيحييهم فى زمن الوحدة الوطنية والمد الناصرى قد قرروا من دون اتفاق أن يقتربوا من بعضهم بعضا، وقد وجدوا في الأسماء التركية.. أنور ومدحت وعادل وماجد ونبيل وسامى ونادية وماجدة وميرفت وليلى وسهير، حلا عبقريا.

وبطبيعة الحال لم يتوقف المسلمون والمسيحيون عن تسمية أبنائهم بأسماء الرسل والصحابة والقديسين، لكن كانت الأسماء التركية لها الغلبة فى الشارع المصرى، لكن، وآه من لكن.. مع منتصف السبعينيات وبداية عصر النفط الملعون ومصائب سياسة الانفتاح الساداتية ومع انحسار دور مصر العربى وتصدر السعودية الصورة، أخذ المصريون يسافرون طلبا للرزق ثم عادوا من المملكة ومعهم ليس فقط الملابس والطقوس السعودية وكراهية شركاء الوطن، وإنما عادوا بأسماء زيد وصهيب وميسرة وعكرمة ولؤى وعدى وعتيبة وكعب، ومن أسف أن رد الأقباط لم يتأخر، فرأيناهم طوال السنوات السابقة يلوذون بأسماء القديسين والأسماء الأجنبية، فأصبح كل مسيحى هو مارك ومايكل ومينا وبيشوى ورومانى وأنطوان وجورج، أو كارولين وماريان وليليان وفيفيان وناتالى.. ووداعا للوحدة الوطنية.
ياسين مكيوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top